[ في مقدّمة الواجب ]
أصل :
اختلفوا في وجوب مقدّمة الواجب على أقوال يأتي تفصيلها ، وقبل الخوض في المقام لا بدّ من تقديم أمور :
الأوّل : أنّ المسألة هذه أهي من المسائل الأصولية أو الفقهية أو اللغوية أو من المبادي الأحكامية؟ وجوه مختلفة منشؤها اختلاف الاعتبارات الصالحة لوقوعها محلا للبحث ، إذ المسألة باعتبار وقوع السؤال فيها عن إدراك العقل الرّبط بين وجوب شيء وبين وجوب مقدّمته ، والملازمة بينهما وعدمه (١) ، تدخل في المسائل الأصولية العقلية ، كسائر المسائل المبحوث فيها عن الملازمات والاستلزامات العقلية ، كمسألة الأمر بالشيء ومسألة اجتماع الأمر والنهي وغيرهما (٢) ، فإنّ المسألة الأصولية لا تختصّ بما كان البحث فيها عن حجّية أحد الأدلّة المعروفة التي منها العقل ، بل تعمّ ما كان البحث فيها صغرويّا راجعا إلى وجود الدليل ، كالمسائل المذكورة وغيرها كما في مسألة الحسن والقبح ، وكما في مسألة الملازمة بين حكم العقل والشرع أيضا ، لعموم تعريف علم الأصول ، حيث إنّهم عرّفوه بالعلم بالقواعد الممهّدة لاستنباط الأحكام الشرعيّة الفرعية ، فإنّ حاصل معناه أنّه العلم بما يكون طريقا لاستنباط الحكم الشرعي الفرعي مع كونه ممهّدا له ، ومقتضى ذلك أنّ المسألة الأصولية ما يكون المطلوب والنتيجة
__________________
(١) تذكير الضمير باعتبار رجوعه على إدراك العقل.
(٢) في الأصل : وغيرها ...