المقدّمة لغة : هي ما قدّم أمام شيء ، والمراد بها في المقام إنما هو ما يتوقّف عليه فعل الواجب ، والنسبة بينهما هي العموم المطلق ، إذ ما يتوقّف عليه الفعل له تقدّم طبعي على حصول الفعل ، وهو نوع من التقدّم ، فيكون من أفراد المقدّمة لغة.
ثمّ المقدّمة ـ أي ما يتوقّف عليه حصول الواجب ـ تنقسم إلى داخلي وخارجي :
والأوّل : منحصر في الأجزاء ، وينطبق عليها بحيث لا يتعدّاها.
والثاني : إلى السبب ، والشرط ، والمعدّ ، وفقد المانع.
وهذه الأقسام كلها ـ حتى المقدّمات الداخلية ـ مشتركة في كونها دخيلة في وجود ذي المقدّمة ، وفي أنّها يلزم من عدم كلّ منها عدمه.
ثم السبب في اللغة : ما يمكن التّوصل به إلى غرض ، ومنه سمّي الحبل سببا.
وفي اصطلاح أهل العلم عرّفوه : بما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم. والظاهر أنّ ذلك من النقل من العامّ إلى الخاصّ ، لأنّ السبب الاصطلاحي أيضا نوع منه وفرد له ، لأنّه مما يمكن التوصّل به إلى غرض هو المسبّب.
ثمّ إنّ قولهم : ( ويلزم من عدمه العدم ) يحتمل أن يكون جنسا لجميع أقسام المقدّمة ـ كما أشرنا إليه ـ بحمل الموصولة على الأعمّ من الأمر الوجوديّ مع حمل العدم أيضا على الأعمّ مما يقابل الوجود ، ليشمل عدم العدم الّذي هو الملازم للوجود أو عينه ، ليشمل عدم المانع ، فيكون قولهم : ( ما يلزم من وجوده الوجود ) فصلا مخرجا لغير السبب من الشرط ، إذ لا يلزم من وجوده الوجود ، والمانع أيضا كذلك ، فإنه يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه الوجود.
لكن هذا خلاف ما هو المتعارف في الحدود من تقديم الجنس وتأخير الفصل عنه ، وإن كان يحتمل أن يكون العكس هنا لنكتة ، ويحتمل أن يكون