السبب دون غيره ، وكلاهما متّفقان على وجوب السبب ، بل ادّعى بعضهم خروجه عن محلّ النزاع وجعله في غيره.
ولا ريب أنّ المراد بالوجوب في المقام ليس الوجوب العقلي أي اللابديّة والتوقّف ، إذ لا يعقل بعد إحراز كون شيء مقدّمة لشيء الخلاف في وجوبه العقلي ، فإنّه راجع إلى الخلاف في مقدّميته لذلك الشيء ، فيخالف الفرض ، بل المراد به الوجوب الشرعي التكليفي.
ولا ريب أنّه لا يعقل التكليف بغير المقدور محضا ، أو ما يكون مركّبا منه ومن المقدور ، فإنّه أيضا غير مقدور ، ولا ريب أنّ كثيرا من أجزاء العلّة التامّة من الأمور الاضطرارية الخارجة عن قدرة المكلّف كحياته وقدرته وصحته وغير ذلك من الأمور الاضطرارية المتوقّف عليها فعل الواجب ، فلو كان السبب في المقام عبارة عن العلة التامّة [ لم ] يعقل (١) القول بوجوبه ، لأنّ وجوب المركّب عين وجوب أجزائه ، لأنّها عينه وإن كانت تغايره (٢) اعتبارا ، فإنّها إن لم تجب باعتبار كونها مقدّمة لتحصيل الكلّ فتجب باعتبار كونها علّة لا محالة ، والمفروض خروج بعض الأجزاء عن القدرة ، فيمتنع التكليف به عقلا ، فتبيّن مخالفته للعلة.
وظهر من ذلك : أنّ محلّ النزاع في مقدّمة الواجب إنّما هو فيما يكون من الأفعال الاختيارية للمكلّف المتوقّف عليها فعل الواجب لا مطلق المقدّمة ، وأنّ المراد بلفظ المقدّمة أو ما يتوقّف عليه الواجب ـ الواقعين في عنوان النزاع اللذين هما المقسم لأقسام المقدّمة ـ ذلك لا الأعمّ.
فإن شئت توضيح الحال فراجع (٣) موارد إطلاق السبب ومواضع تحديده ،
__________________
(١) في الأصل : فلا يعقل ..
(٢) في الأصل : تغايرها ..
(٣) في الأصل : فراجع إلى ..