واستحقاق العقاب على التأخير الموجب للترك ، مع أنّ التكليف تنجّز على المكلّف في الجزء الأوّل من ذلك الزمان إذا علم ببقاء قدرته وسلامته إلى الجزء الأخير ، فيلزم تقدّم المشروط على الشرط ، وقد عرفت امتناعه.
ولا يمكن أن يقال : إنّ الشرط ليس نفس القدرة والسلامة المذكورتين ، بل إنّما هو علم المكلّف بهما ، وهو مقارن للتنجّز ، لأنه لا ريب أنّ الحاكم بالاشتراط إنّما هو العقل لا غير ، والّذي نجد من عقولنا إنّما هو الترتّب والربط بين تنجّز التكليف ـ بمعنى استحقاق العقاب على التأخير الموجب لترك المأمور به ـ وبين نفس القدرة والسلامة إلى آخر زمان يسع الفعل (١) ، لا بينه وبين علم المكلّف بهما.
نعم ، لا يبعد كون العلم بهما شرطا لصحّة الأمر والإلزام إذا كان الآمر عالما بالعواقب بمعنى أنّه إن علم ببقاء المكلّف وقدرته على الفعل إلى زمان يسعه (٢) يحسن منه الأمر ، وإلاّ يقبح.
مع أنّه يمكن أن يقال ثمة أيضا بأنّ الشرط هو نفس القدرة والسلامة ، وأنّ العلم طريق لإحراز الشرط كما في المقام.
وبالجملة : كلامنا الآن إنّما هو في التنجّز الّذي يحكم به العقل بالمعنى الّذي عرفت ، وأنّ شرطه في نظر العقل ما ذا؟ ولا ينبغي الارتياب في أنّ العلّة الموجبة للتنجّز إنما هو نفس البقاء والسلامة والقدرة على الفعل إلى آخر زمان يسعه (٣) ، لا علم المكلّف ـ بالفتح ـ بهما.
وكيف كان فلا ريب أنّ العقل يحكم بالتنجّز وحصول استحقاق العقاب على التأخير الموجب للترك من أوّل الأمر بمجرّد ملاحظة قدرة المكلّف وسلامته إلى
__________________
(١) في الأصل : يسع للفعل ..
(٢) في الأصل : يسع
(٣) في الأصل : يسع