لا يحكم ولا يلزم به إلاّ في تلك الحال.
وفيه : أنّ حكم العقل به إنّما هو من جهة ملاحظة الأمر بذيها ، فحينئذ إن فرض أمر قبل الصبح فلا فرق حينئذ بين الجزء الأوّل من الليل وآخره.
نعم في الجزء الأوّل ـ لمّا يرى تعدّد أفراد الغسل بحسب إمكان إيقاعه في الليل ـ لا يحكم به مضيّقا ، بل موسّعا ومخيّرا ، وحكمه بالضيق في آخر الوقت لانحصار الفرد فيه ، وان لم يكن امر فلا يحكم بالوجوب.
والظاهر أنّ المشهور بناؤهم على جواز نيّة الوجوب في الغسل في أي جزء من الليل.
لكن يرد عليهم : أنّهم إذا لم يخصّوا الوجوب بالجزء الأخير ، فلم ما عمّموه إلى [ ما ] قبل رمضان أيضا.
لكنّه مدفوع : بأنّ الخطاب لم يتوجّه بعد إلى المكلّف ، وإنّما يتوجّه إليه بعد الرؤية بمقتضى قوله تعالى : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ )(١) ، فإذا رأى الهلال يجب (٢) عليه صوم الشهر ، ويكون مجيء كلّ يوم من ظروف الامتثال (٣) لا من شروط الوجوب ، فيكون الوجوب معلّقا بالنسبة إليه ، فيجب من أوّل الليلة.
ينقسم الواجب باعتبار آخر إلى النفسيّ والغيري :
والّذي ينبغي أن يعرّف به الغيري ـ بحيث يسلم عمّا يرد على ما عرّفه به بعضهم ـ هو أن يقال : إنّه ما يكون وجوبه لأجل واجب آخر ، أي لكونه
__________________
(١) البقرة : ١٨٥.
(٢) في الأصل : فيجب ..
(٣) الكلمة في الأصل غير واضحة.