باللفظ المطلق من دون حاجة إلى التقييد بكونه نفسيّا.
وكيف [ كان ] فلا ينبغي الارتياب في وجوب حمل تلك الألفاظ عند الإطلاق على النفسيّ (١) لعدم ذكر القيد إذا كان المقام مقام بيان المراد من جهة النفسيّة والغيرية بأن يحرز من حال المتكلّم كونه في هذا المقام وإن كان إحراز ذلك ـ لقلّة (٢) موارده ـ في غاية الإشكال.
ثمّ إنّه يمكن دعوى ظهور تلك الألفاظ الدالّة على الوجوب في النفسيّ منه عند الإطلاق من جهة الانصراف بسبب أكمليّة النفسيّ إلى حيث كأنّ
__________________
(١) اعلم أنّ ما اخترنا من ظهور الأمر في الوجوب النفسيّ نريد ظهوره في الوجوب المطلق ، أي غير المقيّد بواجب آخر قبال المقيّد به ، وهذا المفهوم ملازم للوجوب النفسيّ ، ومساو له ، فالأمر لا ظهور له ـ أوّلا وبالذات ـ في النفسيّ ، بل هو ابتداء ظاهر ـ لأجل إطلاقه ـ في المطلق بالمعنى المذكور ، فيكون ظاهرا في النفسيّ من جهة ملازمة ذلك المفهوم للوجوب النفسيّ وتساويه له ، فيكون ظهوره فيه بالالتزام ، فافهم. لمحرّره عفا الله عنه.
(٢) لأنه لا يترتّب على بيان النفسيّة والغيرية فائدة غالبا ، وإنّما قيّدنا بالغالب ، لأنه قد يتوهّم المخاطب فيما إذا كان الواجب غيريا في الواقع مع عدم تقييد الأمر بكونه غيريا في الظاهر ، أي ذلك واجب عليه على تقدير عدم وجوب ذلك الغير أيضا ، فيقع لأجل ذلك في كلفة الإتيان به في غير وقت وجوب ذلك الغير أيضا ، فإذا كان الآمر المكلّف ـ بالكسر ـ بانيا على تسهيل الأمر على عبده كما هو شأن الشارع ، فذلك يقتضي أن يبيّن له كونه غيريّا ، لكن لا يخفى أنّ ذلك إنّما يتصوّر فيما إذا كان وجوب ذي المقدّمة المعبّر عنه بالغير في وقت دون آخر ، وأمّا إذا كان وجوبه دائميا فلا فائدة في البيان أصلا ، لعدم تمشّي التسهيل حينئذ ، فإنّه إذا كان ذو المقدّمة واجبا دائما يكون (أ) مقدّمته واجبة كذلك ، فلا يتصوّر له مقام بيان أصلا ، فإنّ حال الخطاب الغيري حينئذ يكون حال الوجوب المشروط بحسب الواقع المتوجّه إلى المكلّف [ حال كونه ](ب) واجد الشرط ، فكما أنه ليس المقام ثمة مقام البيان كذلك هنا ، فلا يصحّ التمسّك بالإطلاق المقامي.
اللهمّ إلاّ أن يتصوّر حينئذ أيضا حكم آخر مترتّب على بيان الغيرية. لمحرّره عفا الله عنه.
__________________
(أ) في الأصل : فيكون.
(ب) أثبتنا هاتين الكلمتين استظهارا ، لأنه يوجد هنا سقط في النسخة الأصلية.