وجب عليه الحجّ على ما ذكرهما بعض المتأخّرين من المعاصرين (١) ، وأفتى بهما مستدلا بأصالة جواز أخذ الأجرة ، وافتراق حرمة الأجرة عن الوجوب في مقدّمات الدفن والتكفين على القول بعدم وجوب المقدّمة واجتماعهما في نفس الدفن والتكفين وفي جميع الواجبات التعبّدية.
ومن هنا يظهر : أنّ مقتضى الأصل هو إباحة أخذ الأجرة على الواجب كما ذكره البعض المشار إليه ، فافهم.
ومنها : ما نسب إلى المولى البهبهاني (٢) ـ قدّس سرّه ـ من أنّه على القول بوجوب المقدّمة يلزم اجتماع الأمر والنهي في بعض الموارد ، وهو فيما إذا كان المقدّمة محرّمة.
وفيه : أنّ مجرّد اجتماع الأمر والنهي لا يعدّ من ثمرات المسألة الأصولية ، بل لا بدّ أن تكون الثمرة اختلاف الأحكام الشرعية بحسب اختلاف القولين ، ولا اختلاف من جهة وجوب المقدّمة وعدمه في الحكم الشرعي ، ولا في حصول امتثال ذي المقدّمة وعدمه.
بيان ذلك : أنّ المقدّمة المحرّمة : إمّا من المقدّمات الخارجية ، وهي الأمور المتقدّمة على ذي المقدّمة المتوقف عليها حصوله ، وإمّا من المقدّمات الداخلية المقارنة لذي المقدّمة المتّحدة معه في الوجود ، وهي الأجزاء.
فإن كانت من الأولى فالقول بوجوب المقدّمة وإن أوجب فيها اجتماع الأمر والنهي ، لكن هذا الاجتماع غير قادح بحصول امتثال ذي المقدّمة إذا طوي المسافة في طريق الحجّ بالدابّة المغصوبة ، فالامتثال فيه حاصل على
__________________
(١) بدائع الأفكار : ٣٢٩ و ٣٣٩.
(٢) الفوائد الحائرية ـ المطبوع ضمن كتاب ( ملاحظات الفريد على فوائد الوحيد ) ـ الفائدة الرابعة عشر : ٧٠.