تقدير صدقها ـ لا تضرّنا بعد قيام الأدلّة القطعية على المختار ، مع أنّه إنّما استظهر الإنكار ممّن نسب إليهم في بعض الموارد الخاصّة كالمسألة المذكورة ، ولا ريب أنّه لعلّ إنكارهم لحرمة المسّ من جهة إجمال الآية من حيث إنّه فسّرت أيضا بأنّ المراد (١) هو اللوح المحفوظ ، يعني : لا يمسّه ـ اللّوح المحفوظ ـ إلاّ المطهّرون. فعلى هذا يراد بها الإخبار عن ذلك لا غير ، فيخرج عن محلّ الكلام ، إذ هو بعد فرض إرادة الإنشاء من الجملة الخبرية ، ولا ربط لها حينئذ بجواز مسّ كتابة القرآن.
وعلى تقدير أنّهم استشكلوا في الآية من جهة كونها جملة خبرية ، وأنّها ليست ظاهرة في الوجوب ، فيمكن حمل ذلك على أنّهم اعتقدوا حكم المسألة ـ أعني جواز المسّ ـ بدليل آخر.
ثمّ أشكلوا في الآية من باب الشبهة في مقابلة البديهة التي يعلمون خلافها من أنفسهم ، فإنّ الخروج عن ظاهر الآية وإن كان لا بأس به مع العثور على دليل قاهر عليها أظهر منها أو نصّ في الجواز ، إلا أنّ تعليل عدم جواز التمسّك بكونها من الجمل الخبرية وأنّها ليست ظاهرة في الوجوب شبهة في مقابلة البديهة ، وكيف كان ، فيظهر [ أن ] تلك الشبهات غير عزيزة في كلماتهم ، فراجع.
ثمّ إنّا بعد ما حققنا من ظهور الوجوب من الجمل يندفع استدلال المانعين ، فإنّ لزوم الوقف إنّما فيما إذا لم يكن أحد المجازات أظهر من غيره ، وليس المقام كذلك كما عرفت.
ثمّ إنّه احتجّ بعض من وافقنا في المذهب : بأنّ الوجوب أقرب إلى الثبوت والوقوع الّذي هو مدلول الأخبار ، وإذا تعذّرت الحقيقة قدّم أقرب
__________________
(١) أي المراد بالضمير في ( يمسّه ) هو اللوح المحفوظ.