والحاصل : أنّ الشروط الشرعية وإن كانت نفسها خارجة عن المأمور به ، لكن تقيّدها داخل فيه ، فيستحيل وجوده بدونها كاستحالة وجوده بدون الشروط العقلية الصرفة ، فإذا رجعت الشروط الشرعية إلى العقلية بطل (١) التفصيل المذكور.
ومن العجب أنّه حكم على تقدير عدم وجوب الشرط بكون الآتي بالمأمور به بدونه آتيا بتمام المأمور به ، لأنّ تقيّده ـ كما عرفت ـ داخل فيه ، فكيف يعقل كونه آتيا بتمام المأمور به بدون الإتيان بالشرط؟! فإنّ تماميّته هو الفعل بوصف كونه مقرونا بالشرط الشرعي ، فإذا لم يأت بالشرط ولو لم يكن واجبا كيف يعقل حصول تمام المأمور به؟! ولذا قلنا : كأنّه جعل الشرط الشرعي أمرا مستقلاّ أجنبيا عن المأمور به ، فكان الأولى أن يقول : لا سبيل إلى الأوّل ، لا إلى الثاني. هذا.
ثمّ إنّه لا بأس بذكر عدّة من أدلّة النافين بوجوب المقدّمة مطلقا ، فنقول :
منها : دعوى صحّة التصريح بجواز تركها.
وفيه ما عرفت.
ومنها : أنّها لو كانت واجبة لوصل إلينا على وجه العلم بتواتر ونحوه ، لتوفّر الدواعي وعموم البلوى ولم يصل إلينا ظنا فضلا عن العلم به.
وفيه : أنّ وجوبها مما يدّعى كونه ضروريا ، بل لعلّه كذلك ، فيكون غنيّا عن البيان.
وما ترى من وقوع الخلاف فيه لا ينافي ذلك لوقوع مثله كثيرا في مثله ، بل في ما [ هو ] أوضح منه.
هذا ، مع أنّ الخلاف قد نشأ من المتأخّرين ، وإلاّ فذلك من المسلّمات عند
__________________
(١) في الأصل : فبطل ..