حتى يكون ذلك منشأ لتساوي الاحتمالين عند فقد الأمور الخارجيّة المعيّنة للمراد منه إذا ورد مطلقا.
هذا بخلاف ما إذا كان المستعمل اللفظ مع القرينة ، بأن تكون هي جزء منه ، فإنّ شيوع استعمال المركّب في معنى لا يوجب حصول الاستئناس بين أحد جزئيه وبين ذلك المعنى.
ألا ترى أنّه لو شاع استعمال قولك : ( ضارب زيد ) مثلا في ( عمرو ) غاية الشيوع ، بل إلى حيث بلغ مرتبة النقل ، فذلك لا يستلزم تساوي إرادة ( عمرو ) من ( الضارب ) وحده ، أو من ( زيد ) كذلك لإرادة كلّي الضارب ، أو الشخص المخصوص المسمّى بزيد.
وكيف كان ، فالنسبة بين المركّب وجزئه كالنسبة بين المفردين هي التباين ، فلا يلزم من حصول وصف للمركّب حصوله لجزئه.
والحاصل : أنّ شيوع الاستعمال إنّما يوجب الاستئناس [ بين ](١) المستعمل وبين المعنى المستعمل فيه ، فإن كان هو المركّب فهو حاصل بين مجموع الأجزاء وبين المعنى المستعمل فيه اللفظ لا غير ، فإذا فرضنا أنّ المستعمل في الندب ليست الصيغة وحدها ، بل هي مع القرينة فلا استئناس بينها وبين الندب حتّى يوجب تساوي احتماله [ مع ] احتمال (٢) الوجوب عند تجرّدها عن القرينة.
ثمّ قال دام ظلّه : وهذا الفرق على تقدير كون القرينة جزء من المستعمل في غاية المتانة ، إلاّ أنّ الظاهر خلافه ، فإنّ الظاهر أنّها شرط دلالة اللفظ على المعنى المجازي ، لا جزء من المستعمل ، فالمستعمل هو اللفظ وحده.
ثمّ الظاهر إمكان بلوغ كثرة الاستعمال مع القرينة المتّصلة إلى حدّ
__________________
(١) إضافة يقتضيها السياق.
(٢) في الأصل : لاحتمال.