من جهة الجهل بالوضع ، فإنّه صريح في أنّ النزاع فيه.
نعم يمكن جريان النزاع ـ أيضا ـ فيما يستفاد من الصيغة عند الإطلاق سواء كان من جهة الوضع بخصوصه ، أو من جهة انصراف الإطلاق إليه ، كما يمكن جريانه هناك.
ثم النزاع إنّما هو في مجرّد الصيغة ، أي هيئة الأمر مع قطع النّظر عن الخصوصيّات الخارجيّة حتّى الخصوصيّات اللاحقة لها من جهة بعض الموادّ.
فعلى هذا ، فإخراج بعض خصوصيات الصيغة ، كما إذا كان معروضها بمعنى الترك ، كاجتنب واترك ـ كما فعله بعض المتأخّرين ـ غير جيّد ، فإنّ النزاع ليس في الخصوصيات حتّى يكون اتفاقهم على كون المثال المذكور للتكرار تخصيصا لمحلّ النزاع ، بل هو في الهيئة الكليّة ، فالتزام القائل بكونها للمرّة ـ بأنّ المراد بالمثال المذكور التكرار ـ إنّما هو من جهة وجود المخرج عن القاعدة الكليّة والأصل الّذي أسّسه ، فتدبّر.
الثاني : النزاع هنا في أنّ الصيغة هل تدلّ على كمية الفعل المأمور به الّذي هو مفروض الصيغة؟
وبعبارة أخرى : أنّها هل لها تعرّض لبيان كميّة معروضها الّذي هو الفعل المأمور به ، أو لا ، بل إنّما تدلّ على طلب الفعل ساكتة عن إفادة كميته بأحد الوجهين من المرّة ، أو التكرار؟
والحاصل : أنّ النزاع في دلالة الصيغة على كمية ما تعلّقت به وعدمها مع قطع النّظر عن كون متعلّقها الطبيعة أو الفرد ، فإذن لا منافاة بين القول بالمرة أو التكرار ، وبين القول بتعلّق الأوامر بالطبائع ، فإنّ النزاع (١) هناك في
__________________
(١) وبعبارة أخرى : إنّ النزاع هناك في أنّ الأمر هل يتعلّق بوجود الطبيعة ، أو بنفسها؟ فمن قال بالأوّل وكان من القائلين بالمرّة هنا يقول بأنّ المطلوب بالأمر وجود واحد ، وإن كان من القائلين بالتكرار يقول : إنّ المطلوب بالأمر الوجودات المتكرّرة إلى ما أمكن شرعا وعقلا. لمحرّره عفا