وأمّا على أن يكون المراد بهما الفرد والأفراد ـ كما فهمه الفاضل المذكور ـ فتوضيحه :
أن المراد بالمرّة حينئذ الفرد الواحد ، وبالتكرار الأفراد المتعدّدة ، ولا ريب أن هذين القيدين ـ أي الوحدة والتعدّد ـ لم يلاحظ شيء منهما في تلك المسألة على القول بكون متعلّق الأوامر هو الفرد ، بل النّظر هناك مقصور في هذا الفرد ، أو الطبيعة المقابلة له مع قطع النّظر عن ملاحظة كمّيته مطلقا ، سواء كان فردا أو طبيعة ، فافهم جيّدا.
الثالث (١) : الظاهر أنّ المراد بالمرّة هي الدفعة ، نظرا إلى ظهور لفظ المرّة فيها عند الإطلاق ، فعلى هذا فالمتّصف بها إنّما هو نفس الأفعال المأمور بها بمعانيها المصدرية ، أي إيجاد الحركات والسكنات ، فإنّ الدفعة إنّما هي صفة للإيجاد (٢) ، لا للأثر الحاصل منه ، فيكون المتّصف بها المبادي المعروضة للصيغة بمعانيها المصدرية ، لكونها بهذا الاعتبار من مقولة الإيجاد ، لا الآثار الحاصلة من تلك المبادي ، وهي ما يقال لها : الحاصل من المصدر.
__________________
(١) أي ( الأمر الثالث ) من الأمور التي يتوقّف عليها تحقيق المقام.
(٢) اعلم أنّ حصر الوصف بالدفعة في الإيجاد إنّما [ هو ] بالإضافة إلى الآثار ـ أي الموجودات ـ وإلاّ فيصحّ اتّصاف الوجود والحصول بها أيضا.
وكيف كان فالذي لا يصحّ اتّصافه بها إنّما هو الموصوف بالوجود والحصول ، وأمّا الإيجاد والوجود والحصول فالكلّ سواء في صحّة اتّصافها بها ، وإن كان الفرق بين الإيجاد والوجود اعتباريّا كما لا يخفى ، وكذا بين التحصيل والحصول ، فإنّ الأوّل بمعنى الإيجاد ، والثّاني بمعنى الوجود.
وبالجملة : الظاهر من المرّة هي الدفعة ، أي إيجاد المأمور به أو وجوده في زمان واحد مع قطع النّظر عن كمّيّة الوجود ، ومن التكرار الإيجادات أو الوجودات المتكرّرة ، المتحقّق كلّ منهما في زمان مقارن لزمان الآخر ، فإنّه ظاهر في الدفعات ، فالزمان مأخوذ في مفهومهما على هذا الوجه. لمحرّره عفا الله عنه.