أن يكذب على رسول الله صلىاللهعليهوآله متعمدا فلو علم الناس أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه ولم يصدقوه ولكنهم قالوا هذا قد صحب رسول الله صلىاللهعليهوآله ورآه وسمع منه وأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله ـ وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عز وجل ( وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ) (١) ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم الأعمال وحملوهم على رقاب الناس وأكلوا بهم الدنيا وإنما الناس مع الملوك
______________________________________________________
لا يضيق صدره بالكذب وأراد بأئمة الضلالة الثلاثة ومن يحذو حذوهم من بني أمية وأشباههم ، وقوله بالزور متعلق بتقربوا ، ونقل العتائقي (٢) في شرح نهج البلاغة أنه قال في كتاب الأحداث إن معاوية لعنه الله كتب إلى عماله أن ادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة ولا تتركوا خبرا يرويه أحد في أبي تراب إلا وأتوني بمناقض له في الصحابة ، فرويت أخبارا كثيرة مفتعلة لا حقيقة لها حتى أشاروا بذكر ذلك على المنابر وروى ابن أبي الحديد أن معاوية لعنه الله أعطى صحابيا مالا كثيرا ليصنع حديثا في ذم علي عليهالسلام ويحدث به على المنبر ففعل ويروى عن ابن عرفة أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية تقربا إليهم بما يظنون أنهم يرغمون بها أنف بني هاشم « انتهى » وقد أشبعنا الكلام في ذلك في كتابنا الكبير.
قوله عليهالسلام وقد أخبر الله عز وجل عن المنافقين : أي كان ظاهرهم ظاهرا حسنا وكلامهم كلاما مزيفا مدلسا يوجب اغترار الناس بهم ، وتصديقهم فيما ينقلونه عن النبي صلىاللهعليهوآله ، ويرشد إلى ذلك أنه سبحانه خاطب نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : ( وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ ) أي بصباحتهم وحسن منظرهم ، ( وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ) أي تصغي إليه لذلاقة ألسنتهم.
قوله عليهالسلام فولوهما الأعمال : أي أئمة الضلال بسبب وضع الأخبار أعطوا هؤلاء
__________________
(١) سورة المنافقون : ٤.
(٢) كذا في النسخ ، والظاهر « ابن العتايقي » وهو الشيخ كمال الدين عبد الرحمن بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن يوسف بن العتايقي الحلي وقد توفي في حدود سنة ٧٩٠ ، وهو تلميذ العلامة الحلي (ره) على ما يظهر من كلمات شيخنا المعظم المبرور في كتاب الذريعة إلى تصانيف الشيعة فراجع ج ١٤ ص ١٣١.