بالبيان ودلهم على ربوبيته بالأدلة فقال ( وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ. إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها
______________________________________________________
والوحدانية أو ما أظهر من آثار صنعته وقدرته في الآفاق وفي أنفسهم ، والأول أنسب بالتفريع ، والمراد بالبيان أما الفصاحة أو المعجزات أو قدرتهم على إتمام كل حجة ، وجواب كل شبهة ، وإبانة كل حق على كل أحد بما يناسب حاله وعلمهم بكل شيء كما قال صلوات الله عليه « وأوتيت الحكمة وفصل الخطاب ».
قوله تعالى : ( وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ ) : أي المستحق لعبادتكم واحد حقيقي لا شريك له في استحقاق العبادة ، ولا في وجوب الوجود الذاتي ولا في صفاته ووحدته الحقيقية ، وقوله تعالى ( لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ ) استئناف لبيان الوحدة أو تأكيد للفقرة السابقة ، أو تعميم بعد التخصيص دفعا لما يتوهم من جواز أن يكون المستحق لعبودية غيركم متعددا أو الإله في الأولى الخالق ، وفي الثانية المستحق للعبادة ، فتكون الثانية متفرعة على الأولى ، ويحتمل العكس ، فيكون من قبيل اتباع المدعى بالدليل ( الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ) خبران لمبتدء محذوف ، أو خبران آخران لقوله ( إِلهُكُمْ ) ولعل التوصيف بهما لبيان أنه تعالى يستحق العبادة لذاته الكاملة ونعمة الشاملة معا فتدبر.
ثم استدل سبحانه على تلك الدعاوي بقوله ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) أي إيجادهما من كتم العدم ( وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ) أي تعاقبهما على هذا النظام المشاهد بأن يذهب أحدهما ويجيء الآخر خلفه ، وبه فسر قوله تعالى ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً ) أو تفاوتهما في النور والظلمة ، أو في الزيادة والنقصان ، ودخول أحدهما في الآخر ، أو في الطول والقصر ، بحسب العروض أو اختلاف كل ساعة من ساعاتهما بالنظر إلى الأمكنة المختلفة ، فأية ساعة فرضت فهي صبح لموضع وظهر لآخر ، وهكذا ، والفلك يجيء مفردا وجمعا وهو السفينة ، وما في قوله تعالى