فسعاد المرسومة ثانيا وإن كانت غير تلك الصورة المرسومة في ضمن البيت ، إلاّ أنّها لمّا كانت متحدة معها من جميع الجهات كانت هي هي ، وكان كتبها ورسمها كتبا ورسما لتلك الكلمة المرسومة في ضمن البيت ، وهذا الاتحاد الاعتباري هو مركز ذلك الاستحسان الطبعي المذكور في هذه المسألة ، وإلاّ فإنّ استعمال اللفظ في لفظ آخر لا وجه له أصلا ، ولا محصل لاستحسان الطبع والذوق في الامور التوقيفية. فتأمّل.
لا يقال : إنّ المقوّم للفعلية إنّما هو قصد دلالة اللفظ على نسبة الحدث إلى الذات ، وفي مثل ضرب فعل ماض لم يقصد ذلك ، لعدم كون الغرض من إلقائه حكاية معناه الفعلي به ، وحينئذ فلا بدّ أن لا يكون ذلك اللفظ فعلا في ذلك الحال ، فكيف صح الإخبار عنه بأنّه فعل ماض ، فلا بدّ من القول بأنّ هذا اللفظ في هذه الجملة حاك عن تلك الألفاظ الواقعة في ألسنة المستعملين التي قصد به فيها نسبة الحدث إلى الذات.
لأنّا نقول : فعليّة الفعل إنّما تتقوّم بنفسه لا بقصد الدلالة به على النسبة المذكورة ، وإنّما المتقوّم بذلك القصد هو الدلالة التصديقية ، وحينئذ فيكون ذلك اللفظ فعلا قصد به الحكاية عن نسبة الحدث إلى الذات أو لم يقصد ، ولذا يصحّ لنا أن نشير إلى لفظة ضرب الموجودة في كلام الساهي أو السكران بقوله ضرب زيد ، ونحكم عليها بأنّها فعل ماض ، مع أنّه لم يقصد منها الدلالة على المعنى الفعلي أعني نسبة الضرب إلى زيد ، وهذه الاجمالات هي مجمل مما حرّرناه على الكفاية في هذا المقام ، فراجعه فإنّ فيه الكفاية إن شاء الله تعالى.
والخلاصة : هي أنّ أمثال هذه القضايا لا بدّ فيها من النظر إلى نفس المحمول المذكور فيها ، وهل هو صالح للانطباق على اللفظ الملقى فيها أو