وما يرجع إليها ممّا توفّرت الدواعي لإخفائه.
ويمكن الجواب عنه : بأنّ عدم النقل وعدم الوصول إلينا لا ينحصر بدواعي الإخفاء ، بل إنّ الكثير من أفعاله صلىاللهعليهوآله وأقواله لم تنقل إلينا لأجل عدم الضبط وعدم العناية كما في وضوئه صلىاللهعليهوآله وكيفيّة قراءته في صلاته ، وهل كان يبدأ في الحمد بالتسمية ، إلى غير ذلك ممّا لم يضبطه لنا الصحابة وعرّفنا به أئمّتنا ( صلوات الله عليه وعليهم ) ولكن أصل الوضع بمعنى الإعلان والإخبار بأني وضعت هذا اللفظ لهذا المعنى ممّا يستبعد كما مرّ مشروحا في الوضع وحقيقته ، فراجع.
وأمّا الصورة الثالثة : فقد استبعدها في الكفاية (١) باعتبار عدم العلاقة المصححة للتجوّز ، من جهة أنّ الجزء وهو الدعاء ممّا لا ينتفي الكل بانتفائه ، لكنّه لو كان الجزء هو الدعاء ، أمّا لو كان الجزء هو الميل والانعطاف نحو الرّب مأخوذا من « صليت العود على النار » من لينته وعطفته الذي هو روح الصلاة ، فلا يرد عليه عدم انتفاء الكل عند انتفائه.
نعم ، يرد عليه : أنّه ليس في البين تركّب حقيقي. لكنّه يمكن القول بأنّه لا يعتبر في علاقة الكل والجزء التركب الحقيقي بل يكفي فيه التركّب الاعتباري.
نعم ، يرد على هذه الطريقة ، أعني حصول الحقيقة من كثرة الاستعمال مجازا ، ما حررناه (٢) في الوضع التعيني ، من أنّ الاستعمال بالعناية وإن كثر لا ينقلب الى الاستعمال بلا عناية ، وعلى كلّ حال أنّ هذه الاشكالات إنّما تتوجّه على الصورة الثالثة.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢١.
(٢) راجع صفحة : ٣٨ ، ٤٠.