وأمّا الصورة الرابعة : فلا ورود لها عليها ، أمّا إشكال عدم العلاقة فواضح ، لما عرفت من عدم التجوّز في استعمال المطلق في المقيد بالقرينة المتصلة ، كأن يقول : أعتق رقبة مؤمنة ، فلفظ الرقبة يحضر نفس الرقبة في الذهن وهو الدلالة التصورية ، ثم بإلحاق لفظة مؤمنة يستكشف أنّ ما هو المراد من مطلق الرقبة هو خصوص المؤمنة وهو الدلالة التصديقية ، وحينئذ نقول : إنه لو كثر الاستعمال بهذه الطريقة لربما أوجب أنّ السامع يفهم بأوّل سماعه لفظة الرقبة من المتكلّم أنّه اراد بها خصوص المؤمنة ، بل يخطر في ذهنه خصوص المؤمنة بمجرّد سماع اللفظ وهو الدلالة التصوّرية ، ثم إنّ المتكلّم بعد تلك الكثرة وبعد اطّلاعه على مسبّبها الذي هو أنّ اللفظة صارت تخطر خصوص المؤمنة في الذهن ، يعود فيتكلّم بلفظ الرقبة عارية عن إلحاق قيد الإيمان ويعتمد في بيان إرادته الخصوصية على نفس اللفظ ولا يتوقّف ذلك على انقلاب من الاستعمال مع العناية إلى الاستعمال بلا عناية.
نعم ، الإنصاف أنّه يمكن تأتّي هذا البيان في طريقة التجوّز ، فإنّ من سمع قول القائل رأيت أسدا يرمي ، عند ما سمع لفظ الأسد يحضر في ذهنه الحيوان المفترس ، ثم بعد سماعه قوله يرمي ينقلب ذلك الخطور الذهني إلى الرجل الشجاع ، والحكم بأنّ مراد المتكلّم من قوله رأيت أسدا هو الرجل الشجاع ، وأمّا المتكلّم فهو لا يريد أن يحضر الحيوان المفترس في ذهن السامع ، بل لا يريد إلاّ أن يحضر في ذهنه الرجل الشجاع وقد استعان في ذلك بأن ضمّ إلى لفظ الأسد قوله يرمي ، فيكون من قبيل تعدّد الدال ووحدة المدلول بالنسبة إلى الدلالة التصديقية. وأما الدلالة التصوريّة للفظ الأسد على الحيوان المفترس ، أعني كون اللفظ موجبا إحضار الحيوان