جهة عدم اطلاع الواضع الثاني على الوضع الأول أو غفلته عنه أو نسيانه له ، بخلاف النقل فانّه عبارة عن نقل اللفظ عن معناه الاول إلى المعنى الجديد ، ولا يكون ذلك إلاّ عبارة عن سلخه عن المعنى الأوّل ، ولو بأن يلتزم هذا الواضع الجديد بعدم استعماله في المعنى الأول إلاّ بنحو عناية وتجوز عن المعنى الجديد ونصب قرينة على ذلك. ومنه يظهر لك أنّ النقل إلى المعنى الجديد لا يجتمع مع عدم هجر الوضع السابق ، بل إنّ أساس النقل هو هجر المعنى السابق وعدم استعماله فيه إلاّ مع القرينة.
قوله : وأمّا ما يقال كما عن صاحب الكفاية قدسسره ـ إلى قوله : ـ فيردّه أنّ جملة من المعاني وإن كانت ثابتة في الشرائع السابقة ـ إلى قوله : ـ إلاّ أنّها لم تكن يعبّر عنها بهذه الألفاظ بل بألفاظ أخر قطعا ... إلخ (١).
وتوضيحه : أنّ هذه الماهيّات وإن كانت موجودة في الشرائع السابقة وكانت مخترعة قبل شرعنا ، إلاّ أنّ ذلك لا ينافي الحقيقة الشرعية ، لما عرفت في المقدمة الاولى من أنّ المدار في الحقيقة الشرعية على كون التسمية منه صلىاللهعليهوآله وإن كان الاختراع من السابق ، لكن لا يخفى أنّ كون التسمية منه صلىاللهعليهوآله بهذه الأسماء يتوقف على أنّ لا يجد في لغته صلىاللهعليهوآله أسماء لهذه الماهيات ، وحينئذ هو صلىاللهعليهوآله إمّا أن يخترع لها اسما ابتدائيا أو ينقل لها لفظا من لغته ، بأن ينقل لفظ الصلاة من معنى الدعاء في لغته صلىاللهعليهوآله إلى هذه الماهية ، وحينئذ فمن الممكن أن يجد لهذه الماهيّات أسماء خاصة في لغته فلا يحتاج إلى النقل ولا إلى الاختراع ، بل هو صلىاللهعليهوآله في مقام بيان مراده يجري على الأسماء التي وجدها لتلك الماهيات في لغته صلىاللهعليهوآله الاّ أنّا مع
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٥٠ [ مع اختلاف عما في النسخة القديمة غير المحشاة ].