بالتبادر ونحوه ، لما عرفت من عدم معقولية القول بالصحيح ، فيتعين القول [ بالأعم ](١) هذا لو كان في البين وضع أو استعمال في معنى جديد ، أما على قول الباقلاني (٢) وما هو أعلى منه من كون الموضوع له والمستعمل فيه هو الخشوع والحضور ونحو ذلك فلا ريب أنه يسقط القولان معا.
بقي الكلام فيما أفاده في التقرير المشار إليه من كون الجامع العرضي هو التوجه الخاص ، فكأنه مبني على ما أفاده في مبحث الحقيقة الشرعية وأنّ الصلاة ليست إلاّ ذلك التوجه الخاص الذي كان عليه أهل الأديان السابقة بقوله : وكان كل واحد من الأديان الصحيحة والباطلة يوجد فيه عمل مخصوص وضع مثلا لأن يتوجه به العبد إلى مولاه ويتخضّع لديه بنحو يليق بساحة من يعتقده مولى له ، ولا محالة كان لهذا السنخ من العمل في كل لغة لفظ يخصه ، وكان في لغة العرب وعرفهم يسمى بالصلاة ـ إلى قوله : ـ فانظر إلى قوله تعالى : ( وما كان صلاتهم عند البيت إلاّ مكاء وتصديقة )(٣) حيث سمى ما كان يصدر عنهم بقصد التوجه المخصوص إلى المولى صلاة ، غاية الأمر أنّه تعالى خطّأهم في إتيان ما يشبه اللهو بعنوان الصلاة ... إلخ (٤).
ولا يخفى أنّ هذه الطريقة هي أوسع من طريقة الباقلاني ، لأنّه يخصّها بالدعاء ، وهذه الطريقة أوسع من ذلك ، لأن المدار فيها على الحضور والخشوع والخضوع ، وقد عرفت أنه بناء عليها لا يكون لنا حقيقة
__________________
(١) [ لا يوجد في الأصل ، وإنّما أضفناه للمناسبة ].
(٢) التقريب والإرشاد ١ : ٣٩٥.
(٣) الأنفال ٨ : ٣٥.
(٤) نهاية الاصول ١ : ٤٤.