ترتب الحكم الشرعي على ذلك الموضوع ، فلو قيّده الشارع بقيد يكون ذلك كسائر التقييدات الطارئة على المطلقات ، فلا مانع من التمسك باطلاق دليل ذلك العقد عند الشك في اعتبار شيء فيه بعد فرض صدق اسم البيع عرفا على ما هو فاقد لذلك القيد المشكوك.
ثم لا يخفى أنّا لو أغمضنا النظر عمّا أشكلنا به على بقية الوجوه لكان التمسك بالاطلاق في مقام الشك لا بأس به على كل واحد من تلك الوجوه.
أما على الوجه الثاني والثالث فواضح ، لأنه بعد فرض الاتفاق من الشرع والعرف على مفهوم البيع الذي هو العقد المتضمن للمبادلة بين المالين ، لو فرضنا أن الشارع يخطّئ العرف في عدّهم العقد بالفارسية مثلا بيعا ، أو أنه كانت مخالفاتهم في ذلك من جهة مجرد التباني والاختلاف في الاصطلاح كما هو مقتضى الوجه الثالث ، لكان عليه البيان ، فلمّا لم يبيّن وأطلق البيع في قوله تعالى : ( أحلّ الله البيع )(١) مع كونه في مقام البيان استكشفنا من ذلك الاطلاق أنّ ما يصدق عليه عند العرف ذلك المفهوم الكلي العرفي فهو عند الشارع أيضا كذلك.
ومنه يظهر الوجه في التمسك بالاطلاق المذكور بناء على الوجه الأول الراجع إلى دعوى كون هذه الألفاظ لها حقائقها شرعية مجعولة للشارع وأنها مختصة بخصوص الصحيح منها ، في قبال حقائها العرفية ، فانه لو وردت منه مطلقة ولم يقيّدها بقيد زائد على ما يعتبره العرف فيها ، لزمنا تنزيل ذلك الاطلاق على معانيها العرفية ، ويستكشف من ذلك أنه ليس للشارع اختراع جديد في قبال ما عليه العرف ، أو نقول إن ذلك إمضاء
__________________
(١) البقرة ٢ : ٢٧٥.