لما جرى عليه العرف فيها ، ويكون ذلك الامضاء كافيا في كونها مجعولة للشارع ، إذ المراد من الجعل هو الأعم من الجعل التأسيسي والجعل الامضائي ، وهذا بخلاف أسماء العبادات فانها لمّا لم تكن لها حقائق عرفية لم يمكن تنزيل الاطلاقات فيها على المعاني العرفية.
ولكن في النفس شيء من هذا الوجه ، فان حاصله إثبات ظهور الاطلاق وعدم البيان في إرادة المعنى العرفي ، بأن السكوت وعدم البيان مع عدم إرادة المعنى العرفي مخلّ بالحكمة ، لأن اللفظ حينئذ ينزّل على المعنى العرفي مع أنه لا يريده ، ومن الواضح أن اللفظ لا ينزّل على ذلك إلا إذا كان له ظهور فيه ، فكان ظهور الاطلاق في إرادة المعنى العرفي موقوفا على كون السكوت مع إرادة خلافه خلاف الحكمة ، وكونه خلاف الحكمة يتوقف على ظهور الاطلاق في إرادة المعنى العرفي ، فجاء الدور.
مع أن هذا الوجه لو تمّ لجرى في العبادات أيضا ، إذ لا شبهة في أنّ لها معاني عرفية ، فحيث إنه لم يقيّدها بقيد على خلاف المعنى العرفي يستكشف من ذلك أنه لم يكن له اختراع جديد في تلك العبادة ، أو أنه قد أمضى ما عليه العرف في تلك العبادة ، فتأمل.
قوله : وأما ما في كلام صاحب التقريرات من أن العرف حيث يرى حصول المسبب بسبب معيّن عندهم فامضاء المسبب يستلزم إمضاء السبب عنده ، فغير تام ، فان المتبع هو أنظار العرف في تعيين المفاهيم لا في التطبيق ... إلخ (١).
قد عرفت فيما تقدم (٢) أن الشيخ قدسسره في التقريرات بنى على خروج
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٧٢.
(٢) في صفحة : ٢٠٤ ـ ٢٠٦.