وجده الشيخ مخالفا للعرف ، فإنّ الاستدلال بالعرف دليل على ذلك. ولا يراد بالفعلية تحقق النسبة في أحد الأزمنة الثلاثة وإن لم يفرض معه التلبس في زمان الحكم كما لا يخفى.
وحينئذ فقول الفارابي مخالف للعرف جدا ، حيث إنه اكتفى في الصدق بمجرد الامكان وهو بعيد جدا.
ولم يحك في المسألة قولا لأحد من أصحاب النظر ، فلعلّ نظره إلى ما تقدّم من صحة الحكم ولو في القضية المعقولة ، وقد عرفت أنّ المتجه ما أفاده ، ولا يحتاج إلى الفعلية ، إلاّ أنه لا ينافي قول الشيخ بتوقف الصحة في القضية الملفوظة العرفية على الفعلية بالمعنى المتقدّم. فمورد النفي والاثبات في كلامهما غير متحد ، انتهى (١).
قوله : المقدمة السادسة في تعيين مبدأ المشتقات ومفاد هيئاتها ... إلخ (٢).
تقدم الكلام (٣) في باب الوضع وأنّه ينقسم إلى الشخصي والنوعي.
والأول هو ما كان الموضوع فيه كليا تحته أفراد وهو وضع الجوامد. والثاني ما كان الموضوع فيه كليا تحته أنواع تحتها أفراد وهو وضع الهيئات ، سواء كانت هيئات الجمل أو هيئات المشتقات ، وقد تقدم لنا أن قلنا إنّ المواد في المشتقات ينبغي القول بأنّها موضوعة بالوضع النوعي ، إذ كما نقول إنّ هيئة فاعل موضوعة لمن تلبس بالمبدإ في أي مادة وجدت فتشمل الضارب والشارب ، فكذلك لنا أن نقول إنّ مادة الضرب موضوعة لذلك الحدث
__________________
(١) رسالة في المشتق ( ضمن مجموعة من الرسائل ) : ١٤٠ ـ ١٤٢.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٩٠.
(٣) تقدم ما يرتبط بالمقام في الصفحة : ٩٧ وما بعدها.