قوله : إنّ المشتق كما عرفت سابقا ليس إلاّ ما لوحظ المبدأ فيه بحيث يتحد مع الذات وينطبق عليه ... إلخ (١).
ربما اشكل عليه كما في الحاشية ص ٦٦ (٢) بأنّ المبدأ يستحيل اتحاده مع ما يقوم به في الخارج ... إلخ. ولا يخفى أن المبدأ ليس هو المصدر ولا اسم المصدر ممّا يستحيل انطباقه على الذات ، بل هو المادة الهيولائية المنبثة في جميع المشتقات ، وكما أن تلك المادة لفظا لا وجود لها وحدها في عالم الألفاظ ، فكذلك معناها لا ينوجد في حدّ نفسه في عالم المعاني ، بل كما أنّ لفظها سار في جميع المشتقات متكيّف باحدى الكيفيات من الهيئات ، فكذلك معناها يكون متكيّفا باحدى الكيفيات المعنوية الطارئة على ذلك المعنى. ومن جملة تلك الكيفيات المعنوية لحاظه عنوانا للذات التي يقوم بها ولو بواسطة صدوره عنها أو قيامه بها.
ولا يخفى أنه ليس المراد من الاتحاد هنا هو اتحاد نفس العرض بالذات ليرد عليه المحالية ، بل المراد بالاتحاد الاتحاد الصدقي بواسطة الاشتقاق على وجه يؤخذ من ذلك المبدأ عنوانا يكون منطبقا على الذات ومتحدا معها اتحاد الحاكي والمحكي.
نعم ، يبقى الكلام في أنّ مفاد تلك الهيئة هل هو مجرد ذلك الاتحاد ، أو هو انتساب المبدأ إلى الذات ، أو هو عنوانية المبدأ للذات باعتبار انتسابه إليها ، أو لا هذا ولا ذاك ولا مادة ولا هيئة كما عرفت الاشارة إليه من أنّ المجموع من المادة والهيئة موضوع بوضع واحد لمعنى واحد كسائر
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٩٨.
(٢) حسب الطبعة القديمة المحشاة ، راجع أجود التقريرات ١ ( الهامش ) : ٩٨ من الطبعة الحديثة.