حركة الراكب معلولة لحركة السفينة ، بل ليس في البين إلاّ حركة واحدة منبسطة على الجميع منتسبة نسبة حقيقية وهي معلولة للموج ، فليس ثمة تجوّز كما عرفت تفصيل ذلك فيما تقدم ، وأمّا بقية الأمثلة التي ذكروها فقد عرفت الكلام فيها مفصلا فلا نطيل بالاعادة.
وينبغي أن يعلم أن ظاهر التوجيه الثالث للواسطة في العروض ، وأنّها ما أوجبت التجوز في نسبة العرض إلى معروضه وبذلك يكون العرض غريبا ، هو أن المدار في غرابة العرض على ذلك ، أعني كون النسبة مجازية من قبيل النسبة بحال المتعلق ، سواء كانت الواسطة مباينة وغير محمولة كما في مثال توسط السفينة في نسبة الحركة إلى الراكب ، وكذلك عكسه أعني توسط الماء في نسبة الجريان إلى النهر والميزاب ، أو كانت محمولة كما في توسط الحركة في عروض السرعة ، وكما في توسط البياض في عروض الشدّة ، فإن الحركة والبياض محمولان على الجسم ، ولكن نسبة العرض إليه بواسطتهما وهو السرعة والشدة يكون بالعرض والمجاز ومن قبيل النسبة بحال المتعلق ، ويقابل ذلك العرض الذاتي وهو ما يكون نسبة العرض فيه حقيقية ، فإنّه شامل أيضا لما يكون الواسطة فيه محمولة كما في توسط الناطق والحيوان في عروض الادراك والمشي على الإنسان ، فإن نسبة الادراك والمشي إلى الإنسان حقيقية والواسطة في ذلك وهي الناطق والحيوان واسطة محمولة على الانسان ، ولما يكون الواسطة فيه غير محمولة كما في توسط النار لعروض الحرارة على الماء ، فان نسبة الحرارة إلى الماء نسبة حقيقية ، والواسطة وهي النار غير محمولة على الماء لكونها مباينة له ، ويمكن القول بأن الواسطة والعلة في حرارة الماء ليست هي النار بل العلة في ذلك هي مجاورته للنار ، وحينئذ يكون من الواسطة المحمولة