أحدهما بالدوام ، فينافي صدق الآخر ولو في أحد الازمنة بالضرورة (١).
لا يخفى أنّ هذا الذي ذكره علماء الميزان إنّما هو حكم التناقض الذي لا بد فيه من كون إحدى القضيتين موجبة والاخرى سالبة ، دون التضاد الذي يكون بين الوجودين المتقابلين. لكن شيخنا قدسسره تكلّف فأرجع التضاد إلى التناقض بجعل إحدى القضيتين التي أثبت فيها أحد الضدين إلى سالبة الضد الآخر ، بأن يقال إنّ قولنا زيد قائم مثلا عبارة عن قولنا زيد ليس بقاعد ، وحينئذ تكون مناقضة لقولنا زيد قاعد ، وهكذا الحال من طرف العكس.
ولا يخفى أنه لو تم هذا الارجاع لكان جاريا من الطرفين ، فيكون الحاصل حينئذ قضيتين موجبتين واخريين سالبتين ، ولا ريب في صحة السالبتين ، أعني قولنا زيد ليس بقائم وقولنا زيد ليس بقاعد ، لجواز كونه نائما. وإنّما الاشكال في القضيتين الموجبتين ، أعني قولنا زيد قائم وقولنا زيد قاعد ، لعدم إمكان اجتماعهما في الصدق ، وهذا أعني اجتماع المحمولين لكونهما ضدين هو بنفسه محال من دون حاجة إلى إرجاع إحدى الموجبتين إلى سالبة الاخرى ، بل لو فرض محالا عدم الارجاع كان اجتماع الموجبتين بنفسه محالا من دون إرجاع الموجبة إلى سالبة الاخرى ، نعم يكون هذا الارجاع مولدا لمحال آخر ، وهو أنّ مثل زيد قائم لا يجتمع مع زيد ليس بقائم لأنه تناقض ، ولا يجتمع مع زيد قاعد لانّه تضاد ، وعلى كل حال أنّ ما ذكروه من كون نقيض المطلقة العامة السالبة هو الدائمة المطلقة ، إنّما هو في التناقض لا في التضاد ، إلاّ بعد إرجاع التضاد إلى التناقض.
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١١٧.