أن يكون ذلك الشيء من عوارض المحل ، إذ لولاه لم يعقل كون العارض له عارضا لذلك المحل ، سواء كان جوهرا أو عرضا قائما بغير المحل المذكور ، ولو اطلق العروض في مثله فعلى سبيل المجاز دون الحقيقة ، وهو خلاف المفروض ، إذ الكلام في العوارض الحقيقية وإن كانت غريبة بالنسبة إلى معروضاتها ، فإذا ثبت ذلك لزمه صحة حمل الواسطة على المحل حسب ما مرّ بيانه من صحة حمل العوارض على معروضاتها بالاعتبار المتقدم (١) انتهى ما أردنا نقله من كلامه قدسسره على طوله.
وأنت ترى تصريحه بأن الواسطة في المقام هي الواسطة في العروض دون الواسطة في الثبوت ، وأنّها لا بد أن تكون محمولة على الموضوع ، وأن العارض للموضوع بواسطتها لا بد أن يكون عروضه عروضا حقيقيا.
وقال هذا المحقق في آخر تحقيقاته : فتحصل مما ذكرنا أن العرض الذاتي ما يكون عارضا للشيء لنفس ذاته من غير واسطة في العروض ، أو لأمر مساو للذات ، سواء كان داخلا في الذات أو خارجا عنها كما نص عليه جماعة من محققي المتأخرين ، فيكون كل من العوارض الذاتية والغريبة أقساما ثلاثة. والواسطة الملحوظة في المقام إنّما هي الواسطة في العروض دون الثبوت ، فما ذكره بعض الأجلة وحكاه عن التفتازاني في شرح الرسالة من أنّ المقصود بها الواسطة في الثبوت ، فاسد كما عرفت تفصيل الحال فيه بما قررنا.
فهو قدسسره يجعل المدار على الواسطة في العروض دون الواسطة في الثبوت ، ولكنه يعتبر الحمل في الواسطة في العروض ، ويعتبر فيها أيضا أن
__________________
(١) هداية المسترشدين ١ : ١٠٩ ، ١١١ ، ١١٤.