ثم إنه قال في آخر الحاشية المذكورة : فتحصل أنه لا مانع من إثبات عدم اعتبار تقيد المأمور به بالقدرة شرعا باطلاق الدليل إن كان ، وإلا فالمرجع هي أصالة البراءة للشك في اعتبار أمر زائد ... إلخ.
تقدم (١) الكلام في أنه لو تمّ ما أفاده شيخنا قدسسره من الوجهين لكان مقتضاهما هو كون الفعل عباديا ، وإن لم يتم شيء منهما يمكننا إجراء عين الطريقة التي ذكرناها في مسألة اعتبار المباشرة بدعوى أن قضية النسبة البعثية هو الصدور عن قصد واختيار ، وأن الاكتفاء بنفس صدور الفعل لا عن قصد واختيار محتاج إلى المئونة الزائدة ، فيكون مقتضى الأصل اللفظي من ناحية النسبة البعثية هو التقيد بالقصد والاختيار ، وإن كان نفس المادة لا تقييد فيها بمعنى أنها غير مقيدة بالقصد لكونها في حدّ نفسها شاملة للمقصود وغيره لا أنها شاملة للمقدور وغيره ، لما عرفت من أنه ليس المقام براجع إلى اعتبار القدرة. نعم إن الاطلاق من ناحيتها من أي جهة كان يكون ساقطا بازاء إطلاق النسبة البعثية القاضية باعتبار القصد ، ومع قطع النظر عن قضية إطلاق النسبة البعثية القاضي باعتبار القصد يكون المرجع هو إطلاق المادة القاضي بعدم اعتبار القصد ، ولو سقط هذا الاطلاق أيضا كان المرجع في اعتبار القصد والاختيار هو البراءة كما ذكرناه في مسألة اعتبار المباشرة ، فلاحظ وتدبر.
قوله : وأمّا القسم الثالث وهو السقوط بفعل المحرم ... إلخ (٢).
لا يخفى أن المقصود من فعل المحرم هو ما يكون متحدا معه ومنطبقا عليه. ومنه يعلم اختصاص هذا البحث بالواجب التوصلي ، أما الواجب التعبدي فلا ريب في تقيده بأن لا يكون محرما لعدم معقولية
__________________
(١) في صفحة : ٣٧٥.
(٢) أجود التقريرات ١ : ١٥٤.