المرجع من الاصول اللفظية هو إطلاق الوجوب ، لما عرفت من أنه لا مورد في هذه المقامات لاطلاق دليل الوجوب بعد فرض خروج المحرم عن تحت الواجب ، وإنما يحصل الشك في كون المحرّم مسقطا للوجوب ، وحينئذ يكون المرجع في هذا الشك هو استصحاب الوجوب أو أصالة الاشتغال.
قوله : وحيث إن التعبد أمر قصدي فلا محالة يكون بأحد الدواعي القربية منها قصد الأمر ... إلخ (١).
قال في الكفاية : إنّ التقرب المعتبر في التعبدي إن كان بمعنى قصد الامتثال والاتيان بالواجب بداعي أمره ، كان ممّا يعتبر في الطاعة عقلا ... إلخ (٢) قد شرحنا في أوائل القطع فى مبحث جواز الاحتياط في العبادات (٣) ، أن الأمر بنفسه لا يعقل كونه داعيا للمكلف ، لأن الداعي عبارة عما يكون بوجوده الواقعي معلولا لفعلك ، وبوجوده العلمي التصوري علة لارادتك المتعلقة بفعلك ، بمعنى أن تصورك لتلك الثمرة المترتبة على فعلك يكون داعيا لارادتك ذلك الفعل ، ومن الواضح أن الأمر بوجوده الواقعي لا يكون معلولا لفعلك ، فلا بد أن يكون الداعي هو امتثال الأمر وجعل الداعي هو نفس الأمر مسامحة. ولأجل ذلك عطف في الكفاية قوله « بداعي الامر » على « قصد الامتثال » ومراد شيخنا قدسسره من قصد الامتثال هو هذا المعنى ، يعني كون الامتثال بوجوده التصوري داعيا ومحركا لارادة المكلف. ويشهد بذلك قوله : وحيث إنا فرضنا من جملة الأجزاء والقيود نفس قصد الامتثال
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٥٥.
(٢) كفاية الاصول : ٧٢.
(٣) في المجلّد السادس في الحاشية على قول الماتن قدسسره : ولا يقاس الشك ...