الكلام في الاستظهار وإنما الكلام في كيفية استعمال المستعمل ، فإنّ نحو استعمال اللفظ في المعنى مجازا وبالعناية مباين لنحو استعماله فيه على نحو الحقيقة ، فالاستعمال بنحو العناية وإن كثر لا يخرج اللفظ عن المجازية فلا بد أن ينتهي الأمر بالأخرة إلى أنّ المتكلم في بعض تلك الاستعمالات قد قصد إعمال ذلك اللفظ في ذلك المعنى على نحو الحقيقة وعلى أنه حاق معناه ، فيكون ذلك الاستعمال هو السبب في صيرورة اللفظ حقيقة في ذلك المعنى عند ذلك المتكلم ويجري متابعوه على ذلك.
والاشكال عليه بأنّه يلزم أن يكون ذلك الاستعمال خارجا عن الحقيقة لتوقفها على الوضع ، وعن المجاز لتوقفه على العناية ، لا دخل له بما نحن بصدده من دعوى صيرورة اللفظ حقيقة في ذلك المعنى عند ذلك المتكلم بسبب ذلك الاستعمال وإن فرضنا كون ذلك الاستعمال غلطا ، على أنّه ليس بغلط بعد فرض كونه مستحسنا طبعا مقبولا عند أهل اللسان.
وأمّا ما افيد في صفحة ٢٤ (١) من الاشكال عليه بأنّه يوجب اجتماع اللحاظ الآلي والاستقلالي في ذلك اللفظ المستعمل بذلك الاستعمال ، فيمكن دفعه بأنه لو كان ذلك المستعمل قد قصد الوضع وإنشاءه بذلك الاستعمال لكان تعدد اللحاظ لازما ، أما إذا فرضنا أنه لم يقصد إلاّ الاستعمال ، غايته أنه على أنّ ذلك اللفظ قد أعمله في حاق حقيقته لا بالعناية والتجوز ، وعن الاستعمال بذلك القصد يتحقق الوضع قهرا ويكون اللفظ حقيقة في المعنى ، فلا يلزم فيه تعدد اللحاظ.
ألا ترى أن بيان أنّ اللفظ موضوع للمعنى الفلاني مثلا يحتاج إلى
__________________
(١) حسب الطبعة القديمة غير المحشاة ، راجع أجود التقريرات ١ : ٤٩.