الجعل لا إلى قدرة المكلف.
هذا كله على تقدير كون المراد بالأمر في قولنا « إنّ المأمور به هو الصلاة المقيدة بداعي الأمر » هو نفس شخص الأمر المتعلق بالصلاة المقيدة بداعي الأمر. وأمّا لو كان المراد به هو طبيعة الأمر الذي يكون أحد مصاديقه هو ذلك الأمر المتعلق بها ، بدعوى أن الصلاح إنما هو في الصلاة المأتي بها بداعي الأمر الكلي ، ويسري ذلك إلى ذلك الشخص من الأمر سراية قهرية لكونه أحد مصاديق الطبيعة ، فلا يرد عليه الاشكالات السابقة في أخذ شخص ذلك الأمر في متعلقه حتى على طريقة شيخنا قدسسره (١) من أخذ الأمر مفروض الوجود في الأمر.
وهذه الطريقة أعني كون الأمر هو طبيعة الأمر قد سلكها سيدنا الاستاذ السيد أبو الحسن قدسسره كما حررته عنه في درسه ، ونظّر ذلك بمثل قولك : كل خبري صادق ، في شموله لنفس هذا القول ، مع فرض أنه لم يصدر منه إلاّ ذلك الخبر.
وقد سلكها أيضا الاستاذ العراقي قدسسره في مقالته (٢) ونظّر ذلك بشمول صدّق العادل للوسائط في باب حجيّة خبر العادل. ولعلّ التنظير الأول أولى ، لأنه عين مسألتنا ، حيث إنّ المأخوذ في الصلاة وإن كان هو داعي طبيعة الأمر ، إلاّ أنه لا أمر هناك إلا هذا الأمر الذي تعلق بما اخذ فيه ذلك القيد ، فيكون حاله حال قولك : [ كل ](٣) خبري صادق في قصد طبيعة الخبر مع أنّك لم يصدر منك إلاّ هذه الجملة. وهذا بخلاف وجوب التصديق في
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٦١ ـ ١٦٢.
(٢) مقالات الاصول ١ : ٢٣٩.
(٣) [ لا يوجد في الأصل ، وإنما أضفناه للمناسبة ].