في إكرام عدوه بل يتوقف أيضا في إكرام صديقه ، إذ ليس المقام من باب القدر المتيقن ، لأن ذلك إنما هو في مقام الاثبات وكلامنا في مقام الثبوت ، أو يكون الاطلاق ذاتيا وتكون السراية قهرية على الآمر وإن لم يقصدها ، فيكون اللازم على المأمور إكرام صديقه كما يلزمه إكرام عدوه؟ محل تأمل وإشكال.
ونظير ذلك ما لو أوصى بمال أو وقف للعلماء أو على العلماء ولكن الواقف أو الموصي كان جاهلا بانقسامهم إلى أخباريين واصوليين ، لأنه لا يعرف هذا التقسيم ، أو كان غافلا عنه على وجه لو نبّهه على ذلك منبّه فلربما أطلق أو ربما قيّد بأحد القسمين فلا يكون في البين قدر متيقن. ولا يقال إن القدر المتيقن من كان الموصي أو الواقف منهم. لأنا نقول : إن الأخذ بالقدر المتيقن إنما هو في مقام الاثبات لا في مقام الثبوت ، ويتضح ذلك بما لو كان هو أعني الموصي أو الواقف خارجا عن القسمين مثل الانقسام إلى القائلين بالانفتاح والقائلين بالانسداد.
قوله : ومن الطرف الآخر جعلي ، وهو توقف فعلية الحكم على وجود العلم ، لأخذه في الموضوع شرعا (١).
وحاصل ذلك : هو أنا لو أخذنا العلم بالحرمة جزءا من موضوعها ليكون مركب الحرمة هو الخمر المعلوم الحرمة ، يكون تحقق الحرمة متوقفا على تحقق جزء موضوعها الذي هو العلم بالحرمة ، والعلم بالحرمة يتوقف على تحقق الحرمة ، أمّا الأول فلكونه جزءا من موضوعها ، وأمّا الثاني فلأن العلم بالشيء يتوقف على تحقق الشيء ، لأن المفروض هو كون العلم جزء الموضوع ، نعم لو اخذ العلم تمام الموضوع لم يكن متوقفا على الواقع
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٥٨.