فيرجع الأمر بالأخرة إلى جعل الحكم على تقدير هو محال في نفسه ، ولعل هذا الأخير راجع إلى ما أفاده في الوجه الثاني بقوله : ومن الواضح أن فرض وجود العلم بالحكم فرض وجود الحكم ، فلا بد وأن يكون الحكم مفروض الوجود قبل وجوده ولو بالقبلية الرتبية ، إلخ (١).
ولعل المراد به وجه آخر : حاصله أنه لو حكم بالحرمة على تقدير وجود العلم بتلك الحرمة كان فرض العلم بالحرمة عبارة اخرى عن فرض تلك الحرمة ، فيكون المتحصل أنه لو وجدت الحرمة ووجد العلم بتلك الحرمة تحققت تلك الحرمة ، فكان الحاصل هو الحكم بالحرمة على تقدير تحقق تلك الحرمة ، ولا ريب أن الحكم بالحرمة هو عين وجودها أو أنه عين إيجادها ، ويكون المتحصل هو فرض وجودها قبل وجودها ، وروح هذه المحالية هي جعل الحكم واردا على العلم الوارد على نفس ذلك الحكم. فإن شئت فقل إن ذلك موجب لفرض وجود الحكم قبل وجوده ، وإن شئت فقل إن ذلك موجب لكون وجود الحكم سابقا على وجوده ، وإن شئت فقل إن ذلك موجب لكون نسبة الحكم إلى نفسه نسبة العلة إلى المعلول ونسبة المعلول إلى العلة ، وإن شئت فقل إنه موجب لدخول الحكم في موضوعه وهو موجب للحاظه قبل لحاظه ، فإن لحاظ الموضوع قبل لحاظ الحكم ، وكل هذه المحاليات ناشئة من أخذ الحكم في موضوعه.
قوله : وأمّا تقييد متعلق التكليف بقصد امتثال الأمر ، فقد يقال بامكانه من ناحية الأمر ـ إلى قوله : ـ لكن التحقيق ... إلخ (٢).
هذا تعريض بما في الكفاية ، فإنّ ظاهرها الالتزام بامكان تصور الآمر
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٥٩.
(٢) أجود التقريرات ١ : ١٥٩ ـ ١٦٠.