عدم استقلال المعنى الحرفي بمعنى عدم حضوره وحده في الذهن ، لا ينافي الاستدلال بالتبادر التصوري على كونه حقيقة في المعنى الفلاني ولو كان التبادر تصوريا ، كما يقال إنّ صيغة الأمر حقيقة في الوجوب للتبادر ، وذلك بأن تؤخذ صيغة الأمر طارئة على مادة من المواد ولو الجامع بين الجميع ، كما يقال صيغة افعل حقيقة في الوجوب ، لأن المتبادر من هذا اللفظ أعني لفظ الهيئة الطارئة على تلك المادة هو الوجوب.
قوله : أما الاولى فكحروف التشبيه والنداء والتمني ... إلخ (١).
هذه الحروف ونحوها وإن كانت إيجادية إلاّ أنها لا توجد معناها إلاّ في الغير الذي هو مفاد الجملة في قولك كأنّ زيدا أسد أو لعله أسد أو ليته أسد ، أو هو مفاد المفرد مثل حرف النداء الذي مفاده إيجاد النداء مربوطا بزيد ، والغرض أنه ليس لنا من الحروف ما يكون موجدا معناه في صقعه من دون أن يكون مربوطا بالغير.
قوله : الثالثة : أن الموضوع للنسب تارة يكون في مقام لفظه مستقلا كلفظة من ... إلخ (٢).
الأولى أن يقال : إن معنى « من » ليس هو نفس النسبة بين السير والبصرة ، بل هو جهة لتلك النسبة بينهما ، وأنّها على جهة الابتداء ، وإلاّ فإنّ قوام النسبة بينهما إنما هو بالهيئة المتقومة بينهما ، غايته أنّ الفعل لمّا كان قاصرا عن الاتصال بالاسم بايصال معناه إليه ، فيكون الحرف واصلا بينهما
__________________
مجردة عن هذين كانت بمنزلة الاتيان بنصف لفظة الاسم في الخروج عن كونه موضوعا ودالا على معناه ، والخلاصة هي أن المانع هو قصور اللفظ والمعنى لا قصور المعنى فقط [ منه قدسسره ].
(١ و ٢) أجود التقريرات ١ : ٢٥.