قوله : الثالث كون الفرق بينهما بحسب الغرض ، وأنّ الغرض لا يحصل من الأمر التعبدي إلاّ بقصد القربة ، وأمّا الأمر التوصلي فيترتب الغرض منه على مطلق وجود المأمور به قصد به التقرب أم لا (١).
هذا إشارة إلى ما في الكفاية من قوله : الوجوب التوصلي هو ما كان الغرض منه يحصل بمجرد حصول الواجب ، ويسقط بمجرد وجوده ، بخلاف التعبدي فإنّ الغرض منه لا يكاد يحصل بذلك ، بل لا بد في سقوطه وحصول غرضه من الاتيان به متقربا به منه تعالى (٢).
ولا يخفى أنّه بعد فرض كون المراد من الغرض هو المصلحة ، يكون هذا الفرق بينهما مما لا غبار عليه لو قلنا بامكان التقييد بالتقرب ، لأنّه حينئذ يكون كسائر القيود في الواجبات ـ توصلية كانت أو تعبدية ـ ممّا يتوقف عليه المصلحة ، إذ مع فرض عدم مدخليته في المصلحة الباعثة على الأمر لا وجه لأخذه قيدا في متعلقه ، وبعد البناء على إمكان التقييد يكون المأمور به هو الفعل المقيد ، ويكون الغرض مساويا للمتعلق ، نعم بعد البناء على عدم إمكان التقييد به مع فرض مدخليته في المصلحة وتوقفها عليه يكون الغرض أخص من متعلق الأمر ، وحينئذ يقع الاختلاف بين طريقة صاحب الكفاية (٣) وبين طريقة شيخنا قدسسرهما فصاحب الكفاية قدسسره يقول إنّه بعد فرض مدخليته في المصلحة وأنّ الشارع لا يمكنه التقييد ، يكون اللازم علينا بحكم العقل الإتيان به تحصيلا للغرض ، وعن ذلك ينتج لزوم الاحتياط
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٦٧.
(٢) كفاية الاصول : ٧٢.
(٣) كفاية الاصول : ٧٢ ، ٧٤.