قوله : واستدل العلامة الأنصاري قدسسره (١) على مختاره : بعدم إمكان التقييد فيثبت الإطلاق ـ إلى قوله : ـ ولا يخفى عدم صحة الاستدلال المذكور في شيء من المقامات المذكورة ، فإنّه يبتني على أن يكون الإطلاق مقابلا للتقييد تقابل الإيجاب والسلب ، بأن يكون معنى الإطلاق هو مطلق عدم التقييد ولو بالعدم الأزلي ، وهذا المعنى فاسد حتى عنده قدسسره ... إلخ (٢).
يمكن أن يقال : إنّ هذا الاستدلال لا يتم حتى بناء على ما ذكر من كون التقابل بينهما تقابل الايجاب والسلب ، وأن الإطلاق هو عدم التقييد ولو بالعدم الأزلي ، فإنّا لو بنينا على ذلك وقلنا إن الإطلاق ليس من قبيل العدم والملكة ولا من تقابل الضدين ، وأغضينا النظر عن أنّ الإطلاق إنّما يكون ممكنا في مقام الثبوت حيث يكون ورود الحكم على المقسم ممكنا ، إلاّ أنّه في مقام الإثبات لا بد في كون عدم التقييد كاشفا عن إرادة عدمه أو كاشفا عن عدم إرادته من كون التقييد ممكنا ، فإنّ عدم التقييد في مورد لا يكون التقييد ممكنا لا يكون كاشفا عن إرادة عدم التقييد ولا عن عدم إرادة التقييد.
وبالجملة : سواء قلنا إنّ عدم التقييد كاشف عن عدم إرادته أو أنّه كاشف عن إرادة عدمه لا بد في هذه الكاشفية من إمكان التقييد ، سواء كان الإطلاق في مقام الثبوت ممكنا أو كان غير ممكن ، إذ لا تكون إرادة الإطلاق في توقفها على عدم التقييد أعظم من الأخذ بالمعنى الحقيقي في توقفه على عدم القرينة على الخلاف ، ومن الواضح أن ذلك أعني الحكم
__________________
(١) مطارح الأنظار ١ : ٣٠٢ وما بعدها.
(٢) أجود التقريرات ١ : ١٦٨ ـ ١٦٩.