اسمان ، ومفاد الهيئة فيهما هو ربط أحدهما بالآخر على جهة التقييد ، فيكون حالها حال النسب التامة ، غير أنّ الناقصة تكون في طيّ النسبة التامة ، وإلاّ فالكل نسب بين المفاهيم الاسمية ، ولأجل ذلك قالوا إن الأوصاف قبل العلم بها أخبار كما أن الأخبار بعد العلم بها أوصاف.
وبالجملة : أنك إذا أخذت جسم الماء بيدك ووضعته في الكوز ، فهناك ماء وهنا كوز ، وأنت اتخذت يدك آلة في جعل الماء في الكوز ، هذا في القضية الخارجية الواقعية ، وأنت إذا قلت : الماء في الكوز ، فهناك مفهوم الماء ومفهوم الكوز ، وأنت بواسطة لفظة « في » جعلت المفهوم الأول مربوطا بالثاني على جهة الظرفية ، فهذه القضية اللفظية أو الذهنية هي مثال لذلك الذي وقع في الخارج ، لا أن اللفظ حاك عن الخارج ، نعم إنا نقصد بايجاد ذلك المماثل إفهام السامع أن الواقع كذلك ، كما في حركتنا التي نقلّد بها حركة شخص آخر ، وذلك هو معنى الحكاية ومعنى المطابقة إن كانت حركتك مثل حركته ، وعدم المطابقة إن كانت حركتك ليست بمثل حركته ، لكن قولك هذا يماثل ما في الخارج لا أنه يوجده ويخلقه.
وعلى كل حال ، قد عرفت أن قولك : الماء في الكوز ، لا يخلق ظرفية الكوز في الماء خارجا ، فلو قلت : ضربت في الدار ، لم يكن هذا القول منك إلاّ مماثلا لما في الخارج لا أنه يوجد الضرب في الدار خارجا ، لكن لو كان ذلك الحدث مما يمكن خلقه وإيجاده للمتكلم كما في قولك بعتك ، فانها صالحة لايجاد البيع بانشائه ، حيث إنه لو لم يكن في البين قصد إنشاء وايجاد ويعبّر عنه ببعت الخبرية ، لم يكن منك إلا إيجاد المماثل لما في الخارج بقصد أن يكون ذلك المماثل حاكيا ما في الخارج بنحو ما ذكرناه من الحكاية ، أعني المماثل لما ماثله ، لا حكاية اللفظ عن معناه ، فانه