مطيعا ، فالعبادة بمعنى ما يعبّر عنه بالفارسية بـ ( پرستش ) تحتاج إلى جهة اخرى زائدة على الإتيان بالفعل بقصد امتثال الأمر ، وذلك عبارة عن الخضوع والتذلل والاستكانة نحو المعبود. أو بعبارة أوسع عبارة عن الحضور القلبي نحو المعبود حتى بمثل الذكر والدعاء والمناجاة الذي هو عبارة عن العروج القلبي الذي هو روح العبادة ، ولعل القدر الجامع هو التقرب بالفعل إليه تعالى أو التملق له.
وكيف كان ، أنّ للعبادة معنى فوق الإتيان بالعمل بقصد الامتثال ، فذلك المعنى ربما كان الفعل المأمور به واجدا له مع قطع النظر عن تعلق الأمر به كالسجود والركوع ونحو ذلك من مظاهر الخضوع والتذلل أو من مظاهر الميل القلبي والعروج الروحي كما في الأدعية ، ففي مثل ذلك يكون ذلك المعنى دخيلا في أصل الفعل المأمور به بل هو روح ذلك الفعل ، ولا يلزم من أخذه في الفعل المأمور به شيء من المحاذير المتقدمة ، ففي أمثال ذلك يعتبر التعبد بالمعنى المذكور لكونه مقوّما للمأمور به ، كما أنه يعتبر فيه قصد الامتثال ، لأن الفعل الفاقد لذلك القصد لا ينطبق عليه الطاعة ولا المأمور به على ما عرفت شرحه.
نعم ، ربما لم يكن الفعل بذاته عباديا بالمعنى الذي شرحناه ، لكن لا مانع من أن يقوم دليل من نص أو إجماع على اعتبار كونه عباديا ، وحينئذ يلزم الإتيان به بذلك العنوان أعني عنوان التقرب والخضوع ، مضافا إلى قصد الامتثال كما في مثل غسل الجنابة ونحوه مما ادعي الإجماع على كونه عباديا ، وإن كان ذلك قابلا للمناقشة بأن الإجماع القائم على كونه عباديا لم يكن المراد به العبادية بالمعنى المزبور ، بل لعل المراد به كونه معتبرا فيه قصد الامتثال بناء على ما يظهر من إطلاق كلماتهم من أن اعتبار قصد