بمتمم الجعل المتعلق بالإتيان بالفعل بداعي أمره الأول لا ينتج التعبدية ، وكذلك ما أفاده الاستاذ العراقي (١) الراجع إلى تعلق الأمر بالذات التي هي توأم مع قصد الأمر ، بل وكذلك ما أفاده في الكفاية (٢) من حكم العقل به بعد فرض انحصار المصلحة بما يؤتى به بداعي الأمر.
والحاصل : أنّ كل طريقة يحاول بها إثبات اعتبار داعي الأمر لا تكون منتجة لاعتبار التعبدية ، بل أقصى ما فيها أن تكون براهين على اعتبار داعي الأمر ، فان تمت تلك البراهين وأوجبت تقيد الفعل ولو تقيدا قهريا بداعي الأمر ، لم يكن الشك في الاكتفاء بغيره إلا من قبيل الشك في كون ذلك الغير مسقطا للأمر ومقتضاه الاشتغال ، وإن لم يتم شيء من البراهين المذكورة كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى كان المقام من قبيل الشك في اعتبار أمر زائد على أصل الفعل الذي تعلق به الطلب ، والمرجع فيه هو البراءة إلا على برهان الكفاية من كونه بحكم العقل ، فانا لو سلّمنا أصل هذا البرهان وهو حكم العقل بلزوم تحصيل ما يكون وافيا بالمصلحة الباعثة للشارع على إصدار الأمر وجعل الوجوب ، يكون اللازم هو الاحتياط عند الشك.
نعم ، لو منعنا البرهان المذكور ، وأنّ العقل لا يحكم على المكلفين بتحصيل المصالح وتطبيق أفعالهم عليها كما أفاده شيخنا قدسسره (٣) لم يبق مجال لحكم العقل بأصالة العبادية في مورد الشك المذكور.
ذكر في البدائع استدلال القائلين باصالة التعبد بوجهين ، الأول : أنه
__________________
(١) بدائع الأفكار للآملي قدسسره : ٢٢٨.
(٢) كفاية الاصول : ٧٤ ، ٧٢.
(٣) أجود التقريرات ١ : ١٦٧.