في إشكاله على التوجيه بتعدد الأمر ، فانه أشكل عليه أوّلا : بأنه ليس في العبادات إلاّ أمر واحد كغيرها من الواجبات. وثانيا : بأن الأمر الأوّل إن سقط بالاتيان بمتعلقه لم يبق مجال للأمر الثاني ، فلا يحصل ما رامه الآمر من التوسل إلى حصول غرضه في تعدد الأمر ، وإن لم يسقط فلا وجه لعدم سقوطه إلاّ عدم حصول غرض الأمر ( يعني المصلحة الباعثة على الأمر ) فلا حاجة حينئذ إلى الأمر الثاني لحكم العقل بوجوب الموافقة على نحو يحصل به غرضه فيسقط أمره ، هذا حاصل ما في الكفاية. وكان عليه أن يشكل على الأمر الثاني ما تقدم منه (١) في الاشكال على أخذ الداعي جزءا ، بأن الارادة غير قابلة لتعلق الأمر بها لكونها غير اختيارية ، إلاّ أن يكون قد تركه إيكالا على ذكره سابقا. وكيف كان فان الغرض من نقل كلامه قدسسره هو الجواب عما وجهه على الشيخ قدسسره.
فنقول بعونه تعالى : لا يخفى أن إنكار تعدد الأمر لأنا لم نجد في صريح الكتاب أو في السنة فيما يتعلق بالعبادات سوى أمر واحد غير متجه ، فان للشيخ القائل بالتعدد (٢) أن يقول إنا نستكشف وجود الأمر الثاني مما ذكرناه من محالية كون الداعي قيدا ومن عدم حكم العقل وإلزامه به ، لأن العقل غير مشرّع مع فرض أنه معتبر في الصحة إجماعا ، فيكون هذا الإجماع إجماعا على أن الاتيان بالعمل بالداعي المذكور واجب شرعا وهو الأمر الثاني الذي ندعيه.
مضافا إلى أن صاحب الكفاية قدسسره يعترف بأن المصلحة متوقفة على ذلك الداعي فيكون العقل حاكما بحسنه ، وعن هذا الحكم العقلي
__________________
(١) كفاية الاصول : ٧٣.
(٢) مطارح الأنظار ١ : ٣٠٣.