النسبة الاولى ، تعرف أن نسبة العرض إلى باقي متعلقاته مما وقع عليه أو فيه أو له وغير ذلك من متعلقات الفعل كلها متأخرة عن كلا النسبتين المذكورتين.
ثم اعلم أن من جملة ما هو من متعلقات الفعل ممّا ينسب إليه هو الظرف والجار والمجرور ، وقد قسّموا ذلك إلى الظرف المستقر والظرف اللغو ، وينبغي أن يكون مرادهم من المستقر ما يكون متضمنا لاحدى المقولات كالأين ومقولة متى مثل زيد في الدار المتضمن لمقولة الأين ، وهذا معنى قوله : ناوين معنى كائن أو استقر (١) ، إذ ليس المراد أن يقدّر في ذلك لفظ كائن أو استقر ، بل المراد أن ذلك أعني الاخبار بالظرف أو الجار والمجرور في مثل زيد عندك أو في الدار يتضمن الكون أو الاستقرار في الدار وهو المعبّر عنه بمقولة الأين ، ومرادهم من اللغو ما يكون متمما لاضافة اخرى مثل ضرب زيد في الدار فإنه في مثل ذلك ليس بنفسه مقولة من المقولات كي يكون مستقرا ، بل هو متمم لاضافة اخرى وهي نسبة العرض إلى معروضه ، ويبيّن أن تلك النسبة والاضافة واقعة في الدار فيكون ظرفا لغوا.
ثم إن من الحروف الجارة ما يمكن أن يكون مستقرا كما يمكن أن يكون لغوا وذلك مثل لفظة في ، ومنها ما لا يكون إلاّ لغوا مثل من وعن ونحوهما ، فإن ما هو من هذا القبيل لا يمكن أن يقع مستقرا لعدم إمكان وقوعه بنفسه إحدى المقولات والاضافات ، وإنما يكون متمما لمقولة وإضافة أخرى ، وحينئذ فلا يكون إلاّ لغوا دائما ، أما ما لا يكون إلا مستقرا
__________________
(١) شرح ابن عقيل ١ : ٢٠٩.