القيد والتقييد لا يكون إيجابه متعلقا إلاّ بصرف الذات لا الذات الخاصة المعبّر عنها بكونها توأما مع القيد مع فرض خروج كل من القيد والتقييد عنها في نظره إليها في حال إيراده الأمر عليها.
وحينئذ فلا محيص عن الالتزام بالاهمال أو الاطلاق الذاتي ، ويتدارك ذلك بالجعل الثاني ، ولا بدّ أن نقول إن هذا الجعل الثاني يتكفل ببيان أن ذلك الأمر الأوّل لا يكون متعلقه وافيا بالمصلحة ، وأنه لا يسقط إلاّ بامتثال الأمر الثاني وإن لم يكن الأمر الثاني موجبا للتقييد في متعلق الأمر الأوّل مع فرض كونه أمرا حقيقيا لا صوريا وإن لم يكن مطابقا للمصلحة ، لأنا نقول يكفي في مصلحته إعانة الأمر الثاني ، وأن مجموعهما ناش عن المصلحة فيما ينتج من مجموعهما ، ولكن كل هذه الويلات والتكلفات إنما نشأت عن دعوى أن المعتبر هو قصد داعي الأمر ، بدعوى كونه عين العبادية التي قام الدليل على اعتبارها ، وإلاّ فهو في نفسه لا دليل على اعتباره.
والانصاف : أنه يمكن القطع بعدمه ، لما عرفت من عدم مدخليته في العبادة ، فلم يبق إلاّ دعوى التقيد القهري الذي أفاده صاحب الاشارات (١) وصاحب العناوين قدسسرهما (٢) وذلك على تقديره لا دخل له بقصد من الشارع كي يتكلف له هذه التكلفات.
على أنّا وإن أقمنا البرهان عليه باعتبار تقيد المعلول بعلته تقيدا قهريا ، وأن المأمور به معلول لارادة الفاعل وهي معلولة للداعي وهو معلول لأمر الشارع ، إلاّ أن ذلك لا يوجب إلاّ تقيد الفعل الواقع عن الارادة الناشئة عن داعي الأمر بما يكون صادرا عن ذلك الداعي ، إلاّ أن ذلك لا يوجب
__________________
(١) إشارات الاصول ١ : ٥٦ ـ ٥٧.
(٢) العناوين ١ : ٣٧٨ وما بعدها.