ومن ذلك يتضح لك ما في قوله : فالشك في دخله شك في الجعل الثاني ، فيكون حاله حال بقية الأجزاء في جريان البراءة عند الشك في دخلها في المأمور به (١) من التسامح.
قوله : هذا على المختار من كون دخل قصد القربة شرعيا ، وأما إذا كان عقليا ، فربما يقال بأن مقتضى القاعدة في المقام هو الاشتغال وإن قلنا بالبراءة في مسألة الأقل والأكثر ... إلخ (٢).
هذا تعريض بما في الكفاية (٣) ، وحاصل مطلب الكفاية هو الاعتراف بأن الغرض الذي هو المصلحة الباعثة على الأمر ليس بمجعول شرعي ولا مأمورا به شرعا ، وأن مدخلية كل من الأجزاء والشرائط ومن قصد داعي الأمر في المصلحة وتأثيره فيها مدخلية واقعية وليست بجعل الشارع ، وغاية الفرق بينهما هو أن الأجزاء والشرائط المفروض توقف المصلحة عليها قابلة لتعلق الأمر الشرعي بها بخلاف قصد الداعي ، وهذا الفرق هو الذي أوجب عنده إمكان جريان البراءة الشرعية في الأوّل ، لأن أمر وضعه ورفعه راجع إلى الشارع بخلاف الثاني ، وليس هو بصدد بيان الفرق بينهما في المحصلية الشرعية والمحصلية العقلية أو العادية ، كما أنه ليس هو بصدد بيان الفرق بين البراءة العقلية والبراءة الشرعية ، ليرد عليه بأنه لا فرق بينهما في مسألة الأقل والأكثر ، بل إن كلامه في هذا المقام بعد الفراغ عن عدم جريان البراءة العقلية في موارد الشك في حصول الغرض الذي هو
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٧٦.
(٢) أجود التقريرات ١ : ١٧٦ [ مع اختلاف يسير عمّا في النسخة القديمة غير المحشاة ].
(٣) كفاية الاصول : ٧٦.