حصول الغرض.
وبالجملة : يكون هذا الاحتياط العقلي رافعا لموضوع البراءة العقلية فلا مجال لها معه. والخلاصة : هي أنا لو قلنا بمقالة شيخنا قدسسره من عدم لزوم تحصيل المصالح على المكلفين ، فلا أثر للعلم بعدم حصولها فضلا عن الشك في حصولها من جهة الشك في توقفها على قصد داعي الأمر ، ومعه لا مورد في ذلك لقاعدة قبح العقاب بلا بيان حتى لو قلنا بأن البيان فيها هو البيان الشرعي ولو بطريق الجملة الخبرية ، فان ذلك الاخبار لا يزيد على علمنا الوجداني بعدم حصول المصلحة الذي عرفت أنه لا يلزمنا شيء بعد أن التزمنا بأن المصلحة لا يلزمنا تحصيلها.
وإن قلنا بمقالة صاحب الكفاية قدسسره (١) من لزوم تحصيل المصالح على المكلفين ، وأنه لا بدّ لهم من إحراز حصولها ، وأن العقل حاكم بلزوم الاحتياط ، كان ذلك واردا على قاعدة قبح العقاب بلا حجة وبيان ، ومجرد أن الشارع يمكنه البيان بطريق الجمل الخبرية وأنه لم يصدر منه ذلك لا يصحح إجراء قاعدة قبح العقاب بلا بيان بعد فرض قيام الحجة العقلية التي هي حكم العقل بلزوم تحصيل الغرض الباعث على الأمر.
أما دعوى حكم العقل بلزوم تحصيل المصالح على المكلفين ، لكن ذلك منحصر بالمصالح الواصلة إليهم أو المصالح التي تصدى الشارع لبيانها دون المصالح التي لم يعلموا بها ولم يبينها الشارع لهم ، فذلك إنما هو لو كانت المصالح واجبة شرعا ، أما مع الوجوب العقلي الذي مدركه هو بقاء التكليف مع فرض بقاء الغرض ، فلا ريب أن لازمه حينئذ السعي إلى إسقاط
__________________
(١) كفاية الاصول : ٧٢ ، ٧٦.