وجوب الاحتياط وعدمه في نظر العقل ... إلخ (١) فلاحظه بما تقدمه من شرح عبارة المصنف قدسسره بقوله : فالشك في الحقيقة يرجع إلى الشك في التكليف بالسورة ، والشك في التكليف موضوع للبراءة عقلا بخلاف الشك في المقام ... إلخ (٢) مما ظاهره أن المصنف قائل بالبراءة العقلية هناك ، اللهم إلاّ أن يكون قوله عقلا قيدا لقوله موضوع ، لا أنه قيد للبراءة ، فلاحظ.
نعم ، يرد على المصنف : أن البراءة الشرعية هناك لا تنفع في إزالة الشك في السقوط إلاّ على الأصل المثبت ، لكن هذا مطلب آخر لا ربط له بما افيد من الايراد هنا ، وحاصله : أنه يرد على صاحب الكفاية قدسسره أن الأمر بواجد الجزء المشكوك الجزئية وإن لم يكن معلوما ، إلاّ أن الأمر بما عداه من الأجزاء معلوم ، وبواسطة الشك في حصول الغرض به أو توقفه على الجزء المشكوك يكون سقوط ذلك الغرض بدون المشكوك مشكوكا ، فيجري فيه الاشكال الذي جرى في قصد القربة ، وهذا الايراد هو الذي أفاده شيخنا قدسسره في صفحة ١٠٦ (٣) فلاحظ.
ولا يخفى أن شيخنا قدسسره (٤) وإن منع من جريان البراءة العقلية في مبحث الأقل والأكثر الارتباطيين ، إلاّ أنه لم يمنعه من جهة كون المسألة من قبيل الشك في حصول الغرض والمصلحة ، لعدم لزوم تحصيل المصلحة والغرض عنده فيما لو كان التوقف معلوما فضلا عمّا لو كان مشكوكا ، بل إنما منعه من جهة العلم الاجمالي المردد بين الأقل والأكثر الارتباطيين ، ولا
__________________
(١) حقائق الاصول ١ : ١٧٧.
(٢) حقائق الاصول ١ : ١٧٦.
(٣) حسب الطبعة القديمة غير المحشاة ، راجع أجود التقريرات ١ : ١٨٢ من الطبعة الحديثة.
(٤) أجود التقريرات ٣ : ٤٩٢ ـ ٤٩٤.