والتوصلي بالهوية لأجل اختلافهما في الغرض. وهذا الوجه يمكن إرجاعه إلى ما عن الكلباسي وصاحب العناوين قدسسرهما على ما شرحناه (١) من التقيد القهري بداعي الأمر ، ويمكن إرجاعه إلى وجه آخر وهو كون مقصود الآمر من الأمر التعبدي هو إطاعته ، بخلاف التوصلي فانه ليس المقصود منه إلاّ مجرد وجود المأمور به ، فيكون النظر إلى الأمر في الأوّل استقلاليا وإلى الثاني توصليا باتخاذه آلة لحصول المأمور به على ما مرّ شرحه (٢).
وعلى الأوّل يكون لون التعبدية قهريا على الآمر بخلافه على الثاني. وحينئذ نقول في مقام الشك إنه على الاول لا مورد فيه للبراءة الشرعية ، إذ لم تكن التعبدية بقصد وجعل من الآمر ، وبه يتم ما عن الشيخ قدسسره من التباين بين الأمرين.
وعلى الثاني يكون لون التعبدية بقصد وجعل من الآمر ، ففيه مورد للبراءة الشرعية ، لكونهما حينئذ من قبيل الأقل والأكثر ، لاشتراكهما في كون المتعلق منظورا مرادا ومطلوبا للآمر ، وزيادة التعبدي أنّ فيه نظرا وقصدا إلى نفس الأمر ، وهذه الزيادة لمّا كانت موجبة للكلفة الزائدة على المكلف وكانت تلك الكلفة آتية من ناحية نظر الآمر إلى نفس الأمر ، وكان ذلك النظر بقصد من الآمر وبجعل منه ، كان ذلك النظر موردا للبراءة الشرعية. ثم بعد ثبوت أصل التعبدية ننقل الكلام إلى تلك الزيادة الثابتة وهل هي مجرد داعوية الأمر أو أنها عبارة عن إطاعته والتعبد به ، وعلى الأوّل يكون ما زاد على ذلك من الجزم ونية الوجه موردا للبراءة ، بخلافه على الثاني للشك في حصول الاطاعة والعبادية بدونهما ، فيكون المرجع فيهما هو الاشتغال ، هذا
__________________
(١) في صفحة : ٤٦٦ وما بعدها.
(٢) [ لم نعثر عليه ].