أثر شرعي أو عرفي عقلائي يكون تابعا لوجودها في وعائها الاعتباري المنتزع من إعمال تلك الآلة في النسبة على الجهة الفلانية.
ومن ذلك كله تعرف أنه لا داعي إلى إتعاب النفس في التفرقة بين مفاد هذه الأدوات ومفاد لفظ الابتداء والطلب والبيع وغير ذلك. نعم المحتاج إليه إنما هو الفرق بين النسبة المنوجدة باحدى هذه الآلات وبين المفهوم من لفظ النسبة ، وذلك الفرق هو كون الاولى على نحو الايجاد والثانية على نحو الحكاية ، وهذا هو الحجر الأساسي في الفرق بين الحروف والاسماء (١).
ولو أنكرنا هذا الفرق وقلنا بأن كلا منها حاك وأن الفارق إنما هو في جهة الوضع كما هو مسلك صاحب الكفاية قدسسره (٢) اتجه عليه الاشكال بأن شرط الواضع لا يجب الوفاء به.
ولا يمكن الجواب عنه بأن ذلك ليس من قبيل الشرط من الواضع بل هو من قبيل الاختلاف في الوضع والاستعمال ، فالاستعمال في الحروف على نحو اللحاظ الآلي وفي الأسماء على نحو اللحاظ الاستقلالي ، وهذا الاختلاف في ناحية الوضع والاستعمال هو الموجب لعدم صحة إعمال أحدهما في مقام الآخر ، لأن ذلك أعني إعمال لفظ « من » في مقام إعمال لفظ الابتداء ، مساوق لجعل اللحاظ الآلي استقلاليا ، أو جعل اللحاظ
__________________
(١) وعلى الظاهر أنه لا فرق في ذلك بين ما أفاده قدسسره من كون مفاد الحروف هو النسب الخاصة ، وبين ما احتملناه من أن المتكفل للنسب ليس هو إلاّ الهيئات وأن الحروف هي جهات خاصة لتلك النسبة ، وأنّ الحاصل من توسط الحرف في تلك الهيئة في مثل ضربت في الدار أو سرت من البصرة هو إيجاد نسبة الضرب إلى الدار على جهة الظرفية ، وإيجاد نسبة السير إلى البصرة على جهة الابتداء. [ منه قدسسره ].
(٢) كفاية الاصول : ١١ ـ ١٢.