فلاحظ وتأمل.
ولا يخفى أنه قد برهن في الكفاية (١) على استحالة أخذ اللحاظ الآلي والاستقلالي في المستعمل فيه فضلا عن الموضوع له ، ببرهانين لا مدفع لهما ، الأول : لزوم تعدد اللحاظ ليكون أحدهما جزء الموضوع والمستعمل فيه ، ويكون الآخر متعلقا بما هو ملحوظ باللحاظ الأول ، لأن من شرط الاستعمال ملاحظة المستعمل فيه. الثاني : أن اللحاظ الآلي والاستقلالي من طوارئ الاستعمال ، ولا يكون إلا في مرتبة الاستعمال ، فلا يعقل أخذه في المستعمل فيه الذي هو سابق في الرتبة على الاستعمال ، ولعل قوله في مقام بيان الحال في أسماء الاشارة : فتلخص مما حققناه أن التشخص الناشئ من قبل الاستعمالات لا يوجب تشخص المستعمل فيه (٢) ، إشارة إلى الاشكال بالتقريب الثاني ، فلاحظ.
وكيف كان ، فهذان الاشكالان كما يردان على القول بأن المعنى الحرفي هو الابتداء الملحوظ باللحاظ الآلي ، فكذلك يردان على القول بأن الفرق بين المعنى الحرفي كلفظة [ من ](٣) والمعنى الاسمي كلفظ [ الابتداء ](٤) أن معنى الأول لا يوجد في الذهن إلا تبعا ، نظير النظر الخارجي إلى نقطة خاصة ، فأنت ترى ما حولها لكنها رؤية تبعية مغفول عنها عند نظرك إلى النقطة ، بخلاف نظرك إلى نفس النقطة.
وهذا الفرق بعينه جار في النظر إلى الحرف فإنه لا يكون إلا تبعا للحاظ المعنى الاسمي ، بخلاف المعنى الاسمي فإنه يكون مستقلا في النظر
__________________
(١) كفاية الاصول : ١١ وما بعدها.
(٢) كفاية الاصول : ١٣.
(٣ و ٤) [ لم توجد في الأصل ، وإنما أضفناها للمناسبة ].