الجهل ، لكنا نجهل ذلك من أنفسنا ونتردد في نفس قصدنا ، إنّ هذا لغريب بل هو أغرب من كل غريب.
وأمّا ما أشكل به الاستاذ العراقي قدسسره في مقالته على مسلك الكفاية بقوله : بل العمدة في وجه الاشكال أنه بعد الجزم بحسب الوجدان أنّ في موارد استعمال الحروف ينسبق إلى الذهن النسب المخصوصة أو الابتداء الخاص مثلا بخصوصياتها التفصيلية ، لا مجال لاستفادة ذلك من مفهوم النسبة أو الابتداء الملحوظ مرآة ، إلخ (١).
وحاصله : استفادة خصوصية للابتداء في قولك : سرت من البصرة ، فلا يمكن ادعاء كون مفاد لفظة « من » هو طبيعة الابتداء.
ولكن لا يخفى أن هذه الخصوصية إنما جاءت من الطرفين ، كما أن كل واحد من الطرفين يكتسي الخصوصية من النسبة الحاصلة بينهما المحكية بلفظة « من » وكما أن ذلك لا يخرج السير عن كون مفاده هو كلي السير ، فكذلك لا يخرج الابتداء المستفاد من لفظة « من » عن كون مفاده هو كلي الابتداء ، أما استفادة الخصوصية مما هو تحت لفظة « من » فذلك ممنوع أشد المنع ، وإلاّ لكانت هذه الخصوصية جارية في لفظ الابتداء في مثل قولك : ابتدائي من البصرة حسن ، فلاحظ وتدبر.
ولا يخفى أن هذا الاشكال لو تم فانما هو إشكال على دعوى كونه كليا ، وهو وارد على مسلك صاحب المقالة قدسسره في المعنى الحرفي فيما مرّ نقله ، فراجع (٢).
والأولى بل المتعين إسقاط اللحاظ الآلي من مسلك الكفاية ، وإبداله
__________________
(١) مقالات الاصول ١ : ٩٠.
(٢) [ فيما تقدم من كلمات المحقق العراقي قدسسره لم يذكر مسلكه فلاحظ ].