الأفعال إلى غير ذلك من الأدوات الايجادية ، بل لعل ذلك جار في صيغ الأمر والنهي مثل افعل ولا تفعل ، فإن جميع ذلك لا يكون للحكاية بل للايجاد ، نعم فيما يكون مشتركا بين الاخبار والانشاء مثل قولك تقوم وتقعد ، ومثل بعت وآجرت ، ومثل أنت حر وهند طالق ، ومثل أترجى وأتمنى ، إلى غير ذلك ممّا يصح استعماله في مقام الانشاء كما يصح استعماله في مقام [ الاخبار ](١) فإن مفاد هذه الهيئات في هذه المقامات لا يكون إلاّ من قبيل حكاية الربط بين المادة وفاعلها ، غير أنّه إن كان بداعي الاعلام كان إخبارا ، وإن كان بداعي التحريك والبعث إلى نفس تلك النسب المحكية بتلك الهيئات يكون إنشاء.
ثم إن هاهنا مطلبا لا بأس بالاشارة إليه : وهو أن اسم الاشارة كهذا مثلا هل هو موضوع للذات في مقام الاشارة لها ، أو أنه موضوع للاشارة إلى الذات ، بمعنى أنه موضوع لاحداث الاشارة إليها وإيجادها كما تحدث الاشارة بفعل اليد ، من دون فرق بينهما سوى أن ذلك باللسان وهذا إشارة بفعل اليد؟
والذي يظهر من مثل قولنا : هذا زيد ، هو الثاني ، حيث إنا لا ندرك من لفظ هذا إلاّ ذلك ، أعني إيجاد الاشارة إلى الذات ، وتنبيه السامع إليها ليلتفت إليها. ودعوى كونها موضوعة للذات المشار إليها أو للذات بشرط الاستعمال في مقام الاشارة ، دعوى بلا دليل ، بل الدليل على خلافها ، حيث إنا عند استعمال هذه اللفظة لا نلتفت إلى الذات إلاّ باعتبار كونها متعلقا للاشارة التي تحدث بلفظ هذا ، ولو كانت موضوعة للذات لحصل الالتفات
__________________
(١) [ لا يوجد في الأصل ، وإنما أضفناه للمناسبة ].