توسطها بين القيام أو الضرب والمسجد في قولك : قمت في المسجد أو ضربت في المسجد في إفادتها الظرفية بين الحدث والمكان ، ولا يكون مفادها تقييد الضرب أو القيام بكونه في المسجد.
ثم لو سلّمنا كون مفاد الهيئة والحروف قيودا كانت هناك نسبة تقييدية بين المقيد وهو المعنى الاسمي والقيد وهو مفاد الحرف أو الهيئة ، ولا بد لهذه النسبة التقييدية من دال يدل عليها ، فأين هذا الدال على هذه النسبة؟ ولو سلّم وجوده كان أيضا قيدا ومقيدا ، لأن هذا الدّال أيضا يدل على النسبة والنسبة تكون قيدا على رأي المشكل ، فتتكون نسبة تقييدية اخرى وهكذا إلى ما لا نهاية.
قال الاستاذ العراقي في مقالته : وحينئذ التحقيق في حقيقة المعاني الحرفية كونها عبارة عن النسب والارتباطات القائمة بالمعاني المستقلة بالمفهومية ، على اختلاف النسب والارتباطات ، من النسب الابتدائية والاستعلائية والظرفيّة وغيرها ، فحينئذ معنى عدم استقلالها بالمفهومية عدم استقلال ذات المفهوم المجامع مع الاستقلال في عالم اللحاظ ـ إلى أن قال : ـ ومنها أنّه بعد ما ظهر سنخ المعاني الحرفية ، يبقى الكلام في أنّ الحروف هل هي دالة على مثل هذه المعاني ومنبئة عنها كانباء الأسماء عن معانيها ، أو أنّها موجدة لها وكانت من قبيل الوسائط (١) في الثبوت لها ، كي تكون كيفية استعمالها على خلاف استعمال الأسماء؟ اختار ذلك بعض الأعاظم من المعاصرين ، ولعلّ نظره ـ كما استفدناه من بعض تقريرات بحثه ـ أنّ
__________________
(١) لا يخفى أن جعل الحروف بناء على كونها إيجادية من قبيل وسائط الثبوت لا يخلو عن تسامح ، فان فاعل الربط هو المتكلم ، والحرف يكون آلة في إيجاد المتكلم ذلك الربط. [ منه قدسسره ].